قال الضياء المقدسي قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْقُرْآنَ شَيْئَيْنَ أَوْ أَنَّ الْقُرْآنَ حِكَايَةٌ فَهُوَ وَاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ زِنْدِيقٌ كَافِرٌ بِاللَّهِ

قال الضياء المقدسي في كتابه اختصاص القرآن بعوده إلى الرحيم الرحمن: أخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عُبَيْدِ الله الْمَعْرُوف بابْن سُكَيْنَةَ الصُّوفِيُّ بِبَغْدَادَ أَنَّ أَبَا مُحَمَّدٍ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ المقرىء أَخْبَرَهُمْ قِرَاءَةً عَلَيْهِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْخَلَّالُ مِنْ لَفْظِهِ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ شَاذَانَ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَفِيرٍ قَالَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْقُرْآنَ شَيْئَيْنَ أَوْ أَنَّ الْقُرْآنَ حِكَايَةٌ فَهُوَ وَاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ زِنْدِيقٌ كَافِرٌ بِاللَّهِ هَذَا الْقُرْآنُ هُوَ الْقُرْآنُ الَّذِي أَنْزَلَهُ اللَّهُ عَلَى لِسَانِ جِبْرِيلَ عَلَى مُحَمَّد لَا يُغَيَّرُ وَلَا يُبَدَّلُ لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ” قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمثل هَذَا الْقُرْآن لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ”. انتهى

وهذا الأثر ضعيف؛ لأن فيه أبا طاهر عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ السيوري. ترجمه ابن الجوزي في المنتظم و ابن النجار في ذيل تاربخ بغداد، ولم يذكرا له جرحا و لا تعديلا. فهو مجهول الحال.

و مجرد كونه شيخاً صالحاً لا يعد توثيقا لعدالته في الرواية فكم من إمام اشتهر بحسن التديُّن والزهد و الصلاح و كثرة العبادة، ومع ذلك فهو ضعيف الحفظ لا يحتج به في الحديث.

وقد فرق أهل العلم بالحديث بين قول الناقد في الراوي “صالح” وبين قولهم فيه “صالح الحديث” فقد قال أمير المؤمنين في الحديث ابن حجر العسقلاني في النكت على ابن الصلاح: ” وقول الخليلي: إنه – أي أبا زكير – شيخ صالح: أراد به في دينه، لا في حديثه، لأن من عادتهم إذا أرادوا وصف الراوي بالصلاحية في الحديث قيدوا ذلك فقالوا: صالح الحديث، فإذا أطلقوا الصلاح فانما يريدون به في الديانة، والله أعلم “. انتهى

وجاء في ترجمة إسحاق بن إبراهيم الحنيني أن ابا زرعة قال عنه: صالح، فعلّق ابن حجر في تهذيبه على ذلك فقال: يعني في دينه لا في عدالته “. انتهى

و عليه فإن أبا طاهر عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَحْمَدَ السيوري و إن كان مشهورا بالصلاح فهو مجهول العدالة.

قال الذهبي: ” لا حجة فيمن ليس بمعروف العدالة، ولا انتفت عنه الجهالة ” انتهى

وقال ابن رجب: ” ظاهر كلام الإمام أحمد أن خبر مجهول الحال لا يصح ولا يحتج به “انتهى

فظهر بذلك أن الضياء المقدسي متساهل في الرواية عن المجاهيل كما نص على ذلك شيخ المجسمة ناصر الدين الألباني في الإرواء جزء 5 صحيفة 221 حيث قال: “ولكن الواقع يشهد أنه متساهل أيضاً فيه – أي كتاب المختارة -، فإنه يخرج لكثير من الضعفاء والمجهولين إن سلم من التخريج لبعض الكذابين كابن آدم هذا “. انتهى

هذا و قد رد بعض العلماء على الضياء المقدسي تصحيحه لبعض الآثار كالحافظ العراقي و غيره. فقد قال المعلمي في الفوائد المجموعة: ” وتصحيح المقدسي لرواية عقبة الأصم مع ضعفه وتدليسه وتفرده وإنكار المتن مردود عليه” . انتهى

و ليعلم أن ضياء الدين مع شهرته و سعة حفظه فهو من مجسمة المقادسة ، فقد روى في مختارته أحاديث جلوس المولى عز و جل على العرش و حديث الأطيط وغيرها من الآثار الباطلة المردودة.

قال الامام الكوثري في مقدماته: كان جماعة من المقادسة الحنابلة ممن ورثوا بعض آراء ابن كرام الذي كان عشش بالقدس و باض و ترك أصحابا له متقشفين يتوارثها منهم من بعدهم هاجروا منها لما احتلها النصارى و جملوا بدع التشبيه إلى الشام و كان بها شيء من تلك البدع من عهد عبد الواحد الشيرازي صاحب أبي يعلى. انتهى

وقال الذهبي في السير: “فقد كان بين ابن عساكر و المقادسة واقع”. انتهى

وهذا الواقع بين شيخ الأشاعرة و مجسمة المقادسة كان من جهة العقيدة. ومعلوم أن المقادسة ومنهم الضياء المقدسي لم يبلغوا شأن ابن عساكر علما و شهرة بدليل أن عبد الغني المقدسي شيخ ضياء الدين ندم لعدم سماعه منه. فقد قال الذهبي في السير: ” وبلغنا أن الحافظ عبد الغني المقدسي بعد موت ابن عساكر نفذ من استعار له شيئا من ” تاريخ دمشق ” ، فلما طالعه ، انبهر لسعة حفظ ابن عساكر ، ويقال : ندم على تفويت السماع منه ” انتهى

و الحاصل أن هذا الأثر لا يصح عن أبي جعفر بن سنان لأنه من طريق مجسم و رجل مجهول الحال. والغريب كيف يحكم المجسمة بقوة هذا السند وفيه الصُّوفِيُّ الزاهد أَبُو أَحْمَدَ عَبْدُ الْوَهَّابِ الْمَعْرُوف بابْن سُكَيْنَةَ مع أن الصوفية عندهم كفار مشركون قبوريون .

كتبه أبو عمر الأشعري