قصة الرجراجيين السبعة ولقاءهم بالنبي صلى الله عليه وسلم بين الحقيقة و الخيال

قصة الرجراجيين السبعة ولقاءهم بالنبي صلى الله عليه وسلم، بين الحقيقة و الخيال

ذكر الخفاجي في نسيم الرياض والكتاني في سلوة الأنفاس جزء 3، صحيفة 367 و محمد المختار السوسي في “المعسول في الإلغيين”، قصة الرجراجيين/ الركراكين السبعة واتصالهم بالنبي صلى الله عليه وسلم وتحاوره معهم باللغة البربرية ، وأمره إياهم بالعودة إلى بلاد المغرب الأقصى لنشر الدعوة الإسلامية في أرجائه.

كما ذكر هذه القصة حسن جلاب في كتابه: “الحركة الصوفية بمراكش وأثرها في الأدب” و العلامة المؤرخ محمد السعيدي الرجراجي في كتابه : “رباط شاكر (سيدي شيكر) والتيار الصوفي حتى القرن السادس الهجري”. واستدل بنصوص وروايات ووقائع من مصادر تاريخية تؤكد صدق القضية. كما ورد ذكر القصة في كتاب “مفاخر البربر” لمؤلف مجهول، وأيضا في كتاب “السيف المسلول فيمن أنكر على الركراكيين صحبة الرسول” لعبد الله الرجراجي السعيدي.

وقد نظم الفقيه ابن عبد الكبير الشاوي المعروف بابن حريرة أبياتا فقال:

زيارة اهل الله من أعظم الدخر وكنز الفلاح في القيامة والحشر

وقوم بأقصى المغرب سبع أجلة لهم رتب عليا على أهل ذا القطر

بصحبة خير الخلف خصوا وقدموا بمغربنا طرا على كل ذي قدر

وتصنف قبائل رجراجة ضمن القبائل المصمودية البربرية بالمغرب.

قال الفقيه محمد بن أحمد الكانوني العبدي في كتاب آسفي و ما إليه قديما وحديثا ما نصه: “رجراجة مواطنهم على عدوة وادي تانسيفت الجنوبية، وكانت هذه القبيلة لها فضيلة السبقية لتلقي الاسلام بالمغرب، وكانوا مظاهرين للاسلام ناشرين شرائعه مدافعين عن حوزته وبالأخص بعد ظهور البرغواطيين المتنبئين بمنطقة تامسنا، فكانت بينهم حروب استمات فيها الرجراجيون على الاسلام، وباعوا أنفسهم في سبيل الله، بل روى جماعة من العلماء، أنهم يعتبرون في عداد الصحابة المغاربة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، لأنهم شدوا الرحال اليه عليه السلام وزاروه بمكة في أول بعثته”. انتهى

وقصة لقاء الرجراجيين بالنبي لا توجد في كتب التاريخ المعتمدة، ولكن تعضدها بعض الآحاديث منها ما رواه مسلم في صحيحه قال: ” حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا جرير عن عبد الملك بن عمير عن جابر بن سمرة عن نافع بن عتبة قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة قال فأتى النبي صلى الله عليه وسلم قوم من قبل المغرب عليهم ثياب الصوف فوافقوه عند أكمة فإنهم لقيام ورسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد قال فقالت لي نفسي ائتهم فقم بينهم وبينه لا يغتالونه قال ثم قلت لعله نجي معهم فأتيتهم فقمت بينهم وبينه قال فحفظت منه أربع كلمات أعدهن في يدي قال تغزون جزيرة العرب فيفتحها الله ثم فارس فيفتحها الله ثم تغزون الروم فيفتحها الله ثم تغزون الدجال فيفتحه الله قال فقال نافع يا جابر لا نرى الدجال يخرج حتى تفتح الروم”. انتهى

وذكر ابن حبان في صحيحه قال:” أخبرنا أحمد بن عبدالله – بحران – قال: حدثنا النفيلي، قال: حدثنا عبيدالله بن عمرو، عن عبدالملك بن عمير، عن جابر بن سمرة، قال: سألت نافع بن عتبة بن أبي وقاص، قلت: حدثني هل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الدجال؟ قال: فقال، أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده ناس من أهل المغرب أتوه ليسلموا عليه، وعليهم الصوف، فلما دنوت منه سمعته يقول: «تغزون جزيرة العرب فيفتحها الله عليكم، ثم تغزون فارس فيفتحها الله عليكم، ثم تغزون الروم فيفتحها الله عليكم، ثم تغزون الدجال فيفتحه الله عليكم”. انتهى

وتذكر القصة أن سبع رجال متزهدين من قبائل ركراكة البربرية نواحي مدينة أسفي بالمغرب كانوا على دين عيسى، وبعد علمهم بظهور النبي محمد، أرادو الامتثال لتعاليم عيسى التي تحدثت عن نبوة رسول مذكور في الإنجيل اسمه أحمد. فسافر هؤلاء البربر لأرض الحجاز للقاء النبي عليه الصلاة و السلام.

جاء في “المعسول في الإلغيين” أن الرجارجة دخلوا مكة وهم ينشدون فاستجابت لهم شعاب الوادي بالأصداء، فقال أهل مكة ما هذه الرَّجْرجة، فقال رسول الله صل الله عليه وسلم: “هؤلاء الرجراجيون جاءوا مسلمين”.

وقد ذكر الكاتب الجزائري الطاهر بن عائشة في هذا السياق أن “جد طارق بن زياد، والذي اسمه عبد الله، كان يعيش بمنطقة وادي سوف، فوصلت أنباء عن الدعوة المحمدية إلى أسماع قبيلة نفزاوة، و كان ذلك قبل الفتح الإسلامي، فاجتمع أعيان بعض فروع القبيلة وقرروا الذهاب إلى بلاد الشرق للاستفسار عن تلك الدعوة. وتذكر الرواية أن جد طارق وسبعة من الرجال الآخرين سافروا إلى مكة، وبعد مسيرة دامت أسابيع وصلوا، ثم سألوا عن مكان إقامة الرسول فاقتيدوا إليه، وكان الرسول كعادته يستقبل جميع الوفود القادمة من جهات كثيرة.

كما ذكر المؤرخ محمد السعيدي في كتاب رباط شاكر أن من ضمن أولئك السبعة: سيدي يعلى بن واطل بن مصلين والد سيدي شاكر الذي قيل أنه صَحب عقبة ابن نافع الفهري.

وقال الدكتور محمد اللبار، أستاذ التاريخ القديم بجامعة فاس، إن ما قيل حول حديث النبي عليه الصلاة والسلام بلسان البربر عند استقباله لأولئك المغاربة، إنما هو من المأثور من الكلام، حيث لا يمكن الجزم به. وأردف اللبار بأن “الذي ورد تاريخيا أن مغاربة زاروا الرسول، ولكن هل تحدثوا إليه باللغة العربية، أو البربرية، أم أنه كان هناك ترجمان بين الوفد والنبي، فهذا من الصعب الجزم به في هذا المقام”.