أنس المجالس ج٢ الدرس ٨٨
التحذير من أهل الضلال.
(1) قال الشّيخُ: ابنُ تَيميَة لعَنَه اللهُ يقولُ إنّ جَهنّم تَخْرَبُ وتَفنَى وإنّ الكفّارَ يَخرجُونَ منها، مع أنّه كانَ قد قال في كتابه «منهاج السنّة النّبويّة»، الجنّةُ باقيَة وأهلُها باقونَ أبَدًا لا فنَاءَ لها، والنارُ باقيةٌ وأهلُها باقون فيها( ) لا فناءَ لها أبدًا، ولم يخالِف في هذا إلا جَهمُ بنُ صَفوانَ فكفَّره المسلِمونَ.
(2) سُئل الشّيخُ: الذّهبيُّ أليسَ منَ المجسِّمة؟
قال الشّيخُ: لا يُصَرِّح، لكنّه لا يَرضى بهذه المقالة التي أخذَها ابنُ تَيمية مِن الفلاسفة، الذهبيُّ ما عَرَّج على الفَلسَفة مثلَ ابنِ تيمية، أمّا ابنُ تيميةَ خاضَ في الفَلسفَة على خِلاف ما عُرِف به طائفَتُه منَ الحنابلة. الحنابلةُ المتأخّرَة أغلَبُهم صَاروا مجسّمَةً، حتى إنّ ابنَ تَيميةَ يَعتزّ بأناسٍ مثلِه بل أشَدَّ منه في الوقاحَة في حقّ الله تعالى كأبي يَعْلى الفَرّاء، الذي قال في حقّ الله: “ألزِمُوني ما شِئْتُم غيرَ اللّحيَة والعَورَة”، يقولُ بأنّ للهِ كذا وكذا إلا اللّحيةَ والعورة. هؤلاء عندَ ابنِ تيمية مقدَّسُون، أخَذ منهم أنّ الله يتحَرك لأنّهُ حَيّ والحيُّ لا بُدّ أن يتَحرّك، فأيُّ قاعِدةٍ هذه؟ مِن أينَ أخذَها؟ من الشّرع أخذَها أم منَ العقل؟ لا هيَ قاعدةٌ عقليّةٌ ولا هيَ قاعدةٌ شَرعيّة.
(3) سُئل الشّيخُ: الذّهبيُّ جسَّم؟
قال الشّيخُ: هو لا يُصرِّحُ لكن لا يَخلُو، يَحُومُ حَولَ التّجسِيم.
(4) قال الشّيخُ: ابنُ تَيمية قالَ فيما مضَى في كتاب «منهاج السنّة النّبَويّة» اتّفَق أهلُ الحقّ على أنّ الجنَّةَ والنّارَ باقيَتان لا تَفنَيان ولم يخالِفْ في ذلكَ أحَدٌ منَ المسلمينَ إلّا جَهمُ بن صَفوان فكفّره المسلمُون، ثم بعدَ بُرهَة مِن إقرار ابنِ تَيميَة بهذا الإجماع قال جَهَنَّم تَفنى. العقيدةُ الطّحاوية عَمِلَ عليها شرحًا واحِدٌ من أتباع ابنِ تيميَة في القرن التّاسع الهجري، نعُوذ بالله منَ الشيطان كأنه نُسخَةٌ ثانية مِن ابنِ تَيمِية يُقال له محمَّد بنُ علي العِزّي حنَفي في الفُروع لكنّه تَيْمِيٌّ في الاعتقاد، مُلحِد في الاعتقاد، يُورِد كلَّ ما يقول ابنُ تيمية لإثباتِ القول بأزليّة العالم كأنه نُسخَة ثانية منه.
(5) سُئِلَ الشّيخُ: في كتابِ «الكبائر» للذّهبي يقول: “ومن الأفعال التي تُلعَن عليها المرأةُ إظهارُ الزّينَة والذَّهَب واللؤلؤ مِن تحتِ النّقاب وتَطيُّبها بالمسك والعنبر والطّيب إذا خرجَت ولُبسُها الصِّباغاتِ والحريرَ والأقبِيةَ القِصارَ مع تَطويلِ الثّوبِ وتَوسِعَة الأكمَام وتَطويلِها إلى غيرِ ذلكَ إذا خَرَجَت، وكلُّ ذلكَ منَ التّبرُّج الذي يَمقُت اللهُ عليهِ ويَمقُت فاعلَه في الدُّنيا والآخرة، وهذه الأفعَالُ التي قدْ غَلَبَت على أكثَرِ النّسَاءِ قال عنهنّ النّبيّ ﷺ: «اطّلَعتُ على النّارِ فرَأيتُ أكثَرَ أهلِها النّساءَ» رواه أحمد والبخاري ومسلم والنسائي. وقال ﷺ: «مَا تَركتُ بَعدي فِتنَةً أضَرَّ عَلَى الرّجالِ منَ النّسَاءِ» رواه البخاري ومسلم والبزّار والنّسائي. فنَسألُ اللهَ أن يقِيَنا فِتنَتَهُنَّ وأن يُصلِحَهُنّ إيمانًا بمَنّهِ وكرَمِه” اهـ.
فقال الشَّيخُ: هذا رَأيُ الذّهَبيّ، والذّهَبيُّ محَدِّثٌ حَافظٌ مؤرّخٌ، أمّا في الفِقه فلَيسَ لَهُ حَظٌّ لا يُعَدُّ مِن فقَهاءِ الشّافعيّة، ثُمّ هوَ نِصفُه مع ابنِ تَيمِيةَ ونِصفُه مع غَيرِه، كتابُ «الكَبائر» للذّهَبي لا يُعتَمَدُ علَيه، أوّلًا هوَ ليس فقِيهًا، هو ينتَسِبُ إلى المذهَب الشّافعيّ لكن ما نقَلَ عن الأئمّةِ هَذا الكلامَ، ما قالَ: قالَ الشّافعيُّ، ما قالَ: قالَ مالِكٌ، ما قالَ: قالَ أحمدُ، مَا قالَ: قالَ أبو حنيفةَ أو غيرُهم مِن المجتَهِدينَ، ثم هوَ ليسَ مِن أصحَابِ الوجُوهِ في المذهَبِ الشّافعِيّ ولا مِن أصحَابِ الاجتِهَادِ، وهوَ مِنَ الطّبَقةِ التي أضعَفُ مِن طَبقَةِ ابنِ حَجَر الهيتَميّ بكثِير.
(6) قال الشّيخُ: سيّد قُطب لعنَه الله في تفسيرِ سُورَة الحديد يصِفُ اللهَ بأنّهُ مُنتشِر مع كُلّ أحَد مع كُلّ شىء ويقولُ مَعِيَّتُه لِخَلْقِه مَعِيَّة حَقيقيّة.
(7) قال الشّيخُ: الأميريّات أتباع أميرة جِبريل يَدّعِينَ الاجتهادَ في العبادَة لكنّ اجتَهادَهُنّ كاجتهادِ الخَوارج الذينَ قال الرّسولُ ﷺ فيهم: «يَخْرُجُ قَومٌ يَقْرَؤُونَ القُرءانَ لَا يَتَجَاوَزُ حَنَاجِرَهُم، يَحْقِرُ أَحَدُكُم صَلَاتَهُ إِلَى صَلَاتِهِم وَصِيَامَهُ إِلَى صِيَامِهِم، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ مُرُوقَ السَّهْمِ مِنَ الرَّمِيَّة» رواه ابنُ حِبّان، ثم قالَ: «مَنْ قَتَلَهُم فلَهُ أَجرُ شَهِيدٍ ومَنْ قَتَلُوه فَهُوَ شَهِيدٌ» رواه الطبَرانيّ.
الاجتهادُ في العبادةِ على حسَب الظّاهر لا يَنفَع إذا لم يكُن على موافَقةِ الشّرع، على الاعتقادِ الصّحيح، لا تَنظُروا إلى كونِ الرّجل يُلازِم المسجِدَ، يتَهجّد في اللّيالي يمنَع نفسَه النّومَ ويَصوم أيّامًا، لا تَنظُروا إلى هذا، انظُروا هل هوَ على عقيدةِ أهلِ السُّنَّة وهل يَعرف أمورَ الدّين، لا يَغُرَّنَّكُم مجَرّدُ اجتهادِ الرّجل، كونُه يصُوم النّهارَ ويقومُ اللّيلَ ويُكثِرُ مُلازمَة المسجِد، لا يَغُرَّنَّكُم هذا، الخَوارج كانَ الواحدُ حين يَنظُر إليهم يقولُ: هؤلاء أهلُ الصّلاة، هؤلاء أهلُ الصّيام، هؤلاء أهلُ القراءة، لكنّهم ضَالّون، الرسولُ ﷺ قال عنهم: «لَإِنْ أَدرَكتُهُم لأَقْتُلَنَّهم قَتْلَ عَادٍ» رواه البخاريّ ومُسلِم، لأَنّهم قاتَلُوا عَليًّا (وعندهم عقائد فاسدة)، هم الذينَ قاتَلوا عليًّا، وكانَ عَليٌّ قاتَلَهم فأبادَهم ما بقيَ منهُم إلا شىء. الاجتهادُ في الظَّاهر لا يَنفَع، كانَ هناكَ شَخصٌ يَصُوم الدّهرَ ويقُومُ اللّيالي وقالَ إنّه يقولُ في السُّجود: “سُبحانَ الجَالِس”، ماذا نفعَه اجتهادُه وإتعَابُه نفسَه؟! حَرَم نَفسَه النّومَ والأكلَ بالنّهارِ ماذا نفَعَه هذا الاجتهادُ؟! الاجتهادُ لا يَنفَع إذا لم يكُن على السُّنَّة، على وَفقِ ما جاءَ عن النّبيّ ﷺ.
(8) سُئل الشّيخُ: إذا قالَ شَخصٌ عن نَفسِه إنه يُوازِي الْمَهدِيَّ في الفَضل في عَصرِنا هذا ماذا يكُونُ؟
قال الشّيخُ: هذا مَغرُورٌ.
(9) قال الشّيخُ: بِشْرٌ الْمَرِيْسِيُّ ضَالٌّ، وثُمامَةُ أيضًا كانَ مُعتَزلِيًّا.
(10) قال الشّيخُ: الزَّمخشريُّ خَبِيثٌ وهو معتزليٌّ مثلُ المرِيسيّ بل المرِيسِيُ أخَفُّ شَرًّا.
(11) قال الشّيخُ: الحنابلةُ المجسِّمَة هُم الذينَ سمَّوا ابنَ تيمية شيخَ الإسلام، أهلُ “دُوْمَا” فيهم حنابلَةٌ مجَسّمة، في سوريا عدّة قُرى حنابلةٌ يقولونَ نحنُ على -مذهب أحمد بنِ حنبل ويعتَقدونَ أنّ اللهَ قاعدٌ على العرش وما أشبَه ذلك. أمّا الذي هو (في) الحقيقةِ شيخُ الإسلام فهو تقيّ الدّين السُّبكي وهو كفّرَ ابن تيمية. كذلكَ تقيّ الدّين الحِصْنِيّ أيضًا كفَّره، كذلكَ ءاخَرون حتّى منَ الحنابلة المنزِّهَة مَن كفَّره.
(12) قال الشّيخُ: ابنُ تيمية كانَ لهُ مَقالاتٌ لا يُطْلِعُ عليها إلا الذينَ يَعتَبرُهم مِن خَواصّ تلاميذِه، يوجَد بعضُ العلماء لم يطَّلِعُوا على مقالاتِ ابنِ تَيمِية.
الشرح : بصوت الشيخ الدكتور عبد الرزاق الشريف حفظه الله تعالى.
