التَّحْذِيرُ مِنْ كَلَامٍ فَاسِدٍ
الْـحَمْدُ للهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِي رَسُولِ اللهِ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ، وَبَعْدُ:
احْفَظْ لِسَانَكَ أَيُّهَا الْإِنْسَانُ
لَا يَلْدَغَنَّكَ إِنَّهُ ثُعْبَانُ.
وَمِمَّا يَجِبُ التَّحْذِيرُ مِنْهُ: قَوْلُ بَعْضِ النَّاسِ: “أَبُوسْ رَبَّك”، وَهَذَا قَوْلٌ صَرِيحٌ فِي الْكُفْرِ، لِأَنَّ “الْبَوْسَ” لَا مَعْنَى لَهُ إِلَّا “التَّقْبِيلُ”. قَالَ صَاحِبُ الْقَامُوسِ: “الْبَوْسُ التَّقْبِيلُ”.
انْتَبِهُوا، وَلَا يُنْظَرُ إِلَى الْقَصْدِ، لِأَنَّ اللَّفْظَ الصَّرِيحَ لَا يُؤَوَّلُ.
وَقَدِ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ اللَّفْظَ الصُّرَاحَ الَّذِي هُوَ صَرِيحٌ فِي الْمَعْنَى، لَا يُقْبَلُ فِيهِ التَّأْوِيلُ.
قَالَ الْحَبِيبُ ابْنُ الرَّبِيعِ أَحَدُ أَكَابِرِ الْمَالِكِيَّةِ: “ادِّعَاءُ التَّأْوِيلِ فِي لَفْظٍ صُرَاحٍ لَا يُقْبَلُ”. وَقَالَ الْحَافِظُ تَقِيُّ الدِّينِ السُّبْكِيُّ فِي فَتَاوِيهِ: “لَا يُقْبَلُ التَّأْوِيلُ الْبَعِيدُ”.
وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ إِمَامِ الْحَرَمَيْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ الْجُوَيْنِيِّ: “اتَّفَقَ الْأُصُولِيُّونَ عَلَى أَنَّ مَنْ نَطَقَ بِكَلِمَةِ الرِّدَّةِ وَزَعَمَ أَنَّهُ أَضْمَرَ تَوْرِيَةً (مَعْنًى بَعِيدًا)، كُفِّرَ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا”، نَعْتَقِدُ أَنَّهُ كَافِرٌ، وَفِي الظَّاهِرِ يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِالْكُفْرِ. هَذَا، وَاللهُ تَعَالَى أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.
