مِمَّا يَدُلّّ علَى بَرَاعَة الشَّيخِ الهَرَرِيّ في عِلمِ الحَدِيث وَقُوَّةِ حافِظَتِه مَا حَصَلَ في الشَّامِ حِينَ ظُهُور شَيخِ الوَهّابِيَّةِ الأَلبَانِيّ المُتمَحدِث، أَنَّ نَفَرًا مِن عُلمَاء أهلِ السُّنّة سَافَرُوا فِي طَلبِ علمِ الحدِيث إلَى بعضِ البِلَاد لِيَتَمَكَّنُوا فِي الرَّدّ عَلَى الأَلبَانِيّ، فَردُّوهُم إلَى الشَّامِ قَائلِين: «عِندكُم المُحدِّثُ الحَبَشِيّ».
–
قال الشيخ محَمّد صُبحِي العَدُّولي [أحَدُ هَؤلَاء الأَجِلّاء المسافرِين]: “وجئنَا إلى الشيخِ الهَرَرِيّ في الشَّام، واتّفَقنا معَه وجِئنَا إلَيهِ قَبلَ الفَجْرِ بسَاعَةٍ وكانَ الشَّيخ عبد الرزاق الحلَبي يَحمِل كتَاب فَتح الباري والشّيخ صُبحِي العَدُّولي والشّيخ رياض المالح يَحمِلَانِ كتَابَ تَدرِيب الرّاوي للسُّيُوطي فكانَ الشّيخ يقرؤهم مِن حِفظِه ويَضبِطُ لهمُ النُّسَخَ ويَشرَحُ ويَستَدرِكُ لَهم ويُبَيّنُ لهمُ المواضِعَ التي فِيها نَقصٌ مِنَ الطِّبَاعَةِ.
وكانَ الشيخ أحمد الحارون يمتَحِنُ المشَايخ ألّف في عِلْم الذّرّة وعِلمِ الزّرَاعة، في فُندُق الرَّبِيع كانَ يَجتَمِعُ العُلَماءُ والمشَايِخُ وصَاحِبُ الفُندُق كانَ يُحِبُّ المشَايخ والعلَماءَ يَستَضِيفُهم فيهِ فدَخَل الشَّيخ عبدُ الله ومعَه شَيخٌ مِن ءالِ الحُشَيمِي مِنَ البِقَاع فأَوَّل مَا دَخَلَ الشّيخ قامَ الشَّيخ أحمد الحَارُون مرَحّبا بالشيخ وقال لهُ: مَرحَبا بشَيخ الأبدال، فدُهِش الحَاضِرُون. وحَاوَل بَعضُ المشَايِخ امتحَانَ الشّيخ بالعَدِيدِ مِنَ العُلُومِ فصَارَ يَرُدُّ علَيهِم مِن دُونِ كِتَابٍ حَتّى رَضَخُوا له.
رضِيَ اللهُ عَنك أيها المُحدّث البارع الزاهد الورع التقي النقي.. الذي تحمّل الافتراءات بأنواعها فِي الذَّبِّ عَن دِينِ الله.
