عقيدة المجسم محمد بن علي الكرجي القصاب و إثباته الأذنين و ذوات قديمة مع الله

عقيدة المجسم محمد بن علي الكرجي القصاب المتوفى سنة 360 هجري و إثباته الأذنين و ذوات قديمة مع الله.

كتاب ” نكت القرآن الدالة على البيان في أنواع العلوم والأحكام ” هو كتاب في تفسير القرآن منسوب لمحمد بن علي الكرجي المعروف بالقصاب المتوفى سنة 360 هجري.

وهذا الكتاب هو أحد الكتب المعتمدة عند الحشوية المعاصرة خاصة الحدادية، تلك الفرقة المنحرفة التي عُرفت بالغلو في التجريح، والتعسف في التأصيل، والميل إلى الشدة والتنطع باسم السنة، حتى خرجت في كثير من مقولاتها وسلوكياتها عن منهج أهل العلم، و ما فتئت تُضيّق دائرة أهل الحق حتى كادت لا تسع إلاهم، وجعلت من التبديع باباً واسعاً يتساقط فيه كل مخالف لهم.

وأما الكرجي فهو مجسم صرف، عدو للأشعري وتلاميذه، حيث قال في هذا الكتاب ما نصه: ” وهو ذا يناقض نفسه – أي الأشعري- ولا يشعر هو ولا أتباعه كالباهلي الذي صنف كتابا في الرد على المشبهة ثم جعل رده تشبيهًا كله، ولم يشعر “. انتهى

ونقل عنه ابن تيمية في درء تعارض العقل والنقل أنه قال :” كان الشيخ أبو حامد أحمد ابن أبي طاهر الإسفرايني إمام الأئمة، الذي طبق الأرض علماً وأصحاباً إذا سعى إلى الجمعة من قطعية الكرج إلى جامع المنصور، يدخل الرباط المعروف بالزوزي المحاذي للجامع، ويقبل على من حضر، ويقول: اشهدوا علي بأن القرآن كلام الله غير مخلوق، كما قاله الإمام ابن حنبل، لا كما يقوله الباقلاني”. انتهى

وهذا من جملة كذب الكرجي إذ لا توجد له ترجمة ،وثَّقه فيها الأئمة المعتبرون، فهو شبه مجهول، الا أن بعض المتأخرين من المنتسبين للمذهب الحنبلي، صنعوا له ترجمة مصطنعة، مثل الذهبي في “تاريخ الإسلام” وفي “السير” وفي “تذكرة الحفاظ” وابن عبد الهادي الحنبلي المتوفى سنة 764هـجري، في “طبقات علماء الحديث” والصفدي في “الوافي بالوفيات” . وهذا القصاب لم يستطع أحد منهم أن يوثقه، ولا يُعلم كيف عرفوا أنه من الحفاظ أو كيف كان إماماً.

ومن الشناعات التي قالها هذا الحشوي في النكت: ” قول: “إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم فادعوهم فليستجيبوا لكم إن كنتم صادقين – ألهم أرجل يمشون بها أم لهم أيد يبطشون بها أم لهم أعين يبصرون بها أم لهم آذان يسمعون بها”، حجة على الجهمية بنعمة الله شديدة. أليس بينا – من حيث لا التباس فيه – أن الذي قرر عندهم به بطلان آلهتهم عبادتهم ما لا يستجيب دعوة داع، ولا له رجل ماشية، ويد باطشة، وعين مبصرة وآذان سامعة، وأن لله – جل وتعالى – كل هذه الأشياء ولكنها غير مخلوقة فيه. أو لايفكرون – ويحهم – أن البعل قد عبد وهو رجل وفرعون وهو رجل لهما أيدي باطشة وأرجل ماشية، وأعين مبصرة وآذان سامعة، ولكنها لما كانت مخلوقة كخلق أجسادهم كانوا عبادا أمثالهم. فالحاصل من هذا عند من هداه الله وهذب طبعه وفتح عيون قلبه أن المعبود هو الله الواحد الموصوف بهذه الصفات التي وإن شاركه فيها خلقه”. انتهى

في هذا النص اثبات الأعضاء والجوارح لله، تعالى الله عن كلامه علوا كبيرا، حيث زعم أن لله رجلت توصف بالمشي، وهذا خوض في الكيفيات ، وزعم أن لله أذنا يسمع بها، وهذا خوض في الكيفيات أيضا.

وقال القصاب أيضا : ” قوله إخبارا عن عيسى، صلى الله عليه وسلم: “إن كنت قلته فقد علمته تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك”، حجة على الجهمية فكل ما ذكر في القرآن من النفس والسمع والبصر واليدين فهو لا محالة ذات لا عرض – يعرف كيفيته من نفسه – جل جلاله – ولا يبلغ أحد من خلقه كنهه ولا بلوغ حده كما يبلغونه من المخلوقين، إذا المخلوق محدث والخالق أزلي، والمخلوق متغير، والخالق باق على حال واحدة من الكمال الذي يعرفه من نفسه، والمخلوق ميت والله حي دائم. فهو وإن وافقه بالاسم في هذه الأشياء، فقد خالفه بما ذكرناه من المفارقة في المعنى ولو عقلوا المساكين لعلموا أن من ليس بمصنوع ولا محدث – مخلوق أزلي في جميع صفاته. فكيف ما كانت تلك الصفات ليست بمشاركة، وأن صفات الخلق الموافقة له في الأسماء بعيدة منه. فكان لا يحملهم بالجهل على نفي صفات ذاته المذكورة في كتابه واحتيال التأويلات التي هي إنما التعطيل أقرب منها إلى التثبيت”. انتهى

فالمؤلف يعتبر السمع والبصر واليدين؛ جوارح و يثبتها ذوات قديمة ضاربا عرض الحائط بإجماع الأمة الإسلامية على بطلان ذات قديمة غير الله، ومنتصرا من حيث يدري أو لا يدري لكلام النصارى، بل هو يثبت الكيفية لله تعالى، ويزعم أن الله وحده عالم بها.

ومع ذلك فقد جاء بعبارة مضطربة هدم بها صروح الحشوية، وهو قوله: “والخالق باق على حال واحدة من الكمال الذي يعرفه من نفسه، والمخلوق ميت والله حي دائم”. انتهى

وانما قلنا عبارة مضطربة لأنه نسب الحال لله، واستعمل عبارة المعرفة عوض العلم.

ثم إن صاحب الكتاب من أوقح الحشوية وأصرحهم في التجسيم والتشبيه بلا حياء فمن نصوصه المخزية في هذا الكتاب قوله : ” ” وقوله – تعالى -: ” تكاد السماوات يتفطرن من فوقهن” حجة على الجهمية، والمعتزلة في إنكار الصفات – كلها – وما ينكرون من كينونته في السماء، وحلوله فيها على العرش، وهذا يؤيد الحديث المرفوع: ” وإن له أطيطا كأطيط الرحل الجديد من الثقل. جل ربنا، وتبارك من عظيم جليل”. انتهى

فصاحب الكتاب يصرح هنا بحلول الإله في العرش و السماء، ولسائل أن يسأل: أين المكان العدمي المزعوم، أم هو مجرد مصطلح يتسترون به من شناعات مذهبهم

وقال أيضا: ” قوله: ” هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة” حجة على الجهمية واضحة فيما ينكرون من الحركة والنزول إلى سماء الدنيا وأشباه ذلك”. انته‍ى

فهنا نسب الحركة لله تعالى، وقرنه النزول بالحركة، دليل أنه يخوض في الكيفيات، والا فإن السلف رضي الله عنهم كانوا يقولون نزول بلا كيف، لا أن النزول حركة وانتقال.

وقال : ” قوله: ” إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش” حجة على الجهمية؛ لأن الاستواء في هذا الموضع هو الاستقرار، فقوله: ” ثم استوى على العرش” أي استقر عليه، فهو بما استقل العرش منه جل جلاله له حد عند نفسه لا بحد يدركه خلقه والمحيط بالأشياء علمه سبحانه. وقولهم: الاستواء: الاستيلاء من غير جهة خطأ “. انتهى

و قال ايضا : ” وقوله: ” فإن استكبروا فالذين عند ربك يسبحون له بالليل والنهار وهم لا يسأمون “، رد على الجهمية والمعتزلة، ومن ينفي المكان، والحد عن الله – جل الله – ويزعم: أنه ليس بنفسه في السماء وحدها دون الأرض، وقد قال كما ترى ” فالذين عند ربك” وهم الملائكة، لا يشك أحد أنهم في السماء، وإذا كانوا عنده، فهو – جل وتعالى – فيها بحد يعرفه من نفسه، وإن عجز خلقه عن كنهه. ” انتهى

وقال : ” ومنه: أن الله جل جلاله إن لم تكن له يد متصف بها، غير مخلوقة يعرف صفتها من نفسه، ومستحيل ذلك عليه – بزعمهم، وقد قال الله: ” يد الله فوق أيديهم ” فقد لزمهم أن يقولوا: إن المخلوقين ليست لهم أيدي جسمانية فيخالفوا العيان – مكابرة – وإلا فلا يتحكموا. وليت شعري أي شيء نفعهم حيث تأولوا في يد الله القوة، والنعمة والقوة والنعمة يكونان للمخلوقين -أيضا – فهل يكون ذلك إلا أن قوة، ونعمة لا يشبه ما للمخلوقين، وكذلك يكون له يد لا تشبه أيدي المخلوقين، لو أنصفوا. ” انته‍ى

فصرح هنا وأفصح ان اليد التي يثبتها جسمانية .

و قال : ” قوله “وسع كرسيه السماوات والأرض” حجة على الجهمية، ولقد بلغني عن قوم متحذلقين منهم يغلطون بحذاقة أنهم قالوا: كرسيه علمه. واحتجوا بمصراع منتحل لشاعر لا يعرف ولا المصراع وهو: ولا يكرسىء علم الله مخلوق.

وهذا المصراع لو كان من قول حسان بن ثابت قد أنشده رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وصوبه له. لكان إعداد الكرسي من أجله علما خطأ من جهتين:

إحداهما: أن الكرسي في القرآن مثقل غير مهموز والمصراع قد خففه وهمزه.

والثانية: ما دللنا عليه في غير موضع من كتابنا من أن الكلمة إذا كان لها ظاهر معروف وباطن محتمل لم يجز أن تزال عن ظاهرها المعروف إلى باطنها المحتمل إلا بإجماع الأمة أو بنص آية أو سنة.

فإن قيل: فليس قد رواه مطرف عن جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله: ” وسع كرسيه السماوات والأرض”، قال: علمه.

قيل: هذا حديث فيه وهن إلا من مطرف، وأما من جعفر بن أبي المغيرة، لأن الصحيح المشهور عن ابن عباس ما حدثناه عبد الرحمن ابن سلم الرازي ، قال سهل بن زنجية الرازي قال: وكيع عن سفيان عن عمار الدهني، عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: ” الكرسي موضع قدميه، والعرش لا يقدر قدره أحد ” وكيف يكون العلم موضع قدميه، وهل يقرون هم بالقدمين، حتى لا تكون الرواية عن ابن عباس متعارضة.

وهل حكم ما تعارض من الروايات لو استوت الدعاء مناف إلا لأخذ بأظهرها، وكيف ورواية مطرف عن جعفر لا تكافئ رواية مسلم البطين مع أن الثوري رواه عن مطرف فلم يجاوز به سعيدا كما تجاوزه ابن إدريس وكلاهما وهم، والله أعلم، لأن الروسي في القرآن مثقل وهذه الرواية لم ترد على التخفيف والهمز كما ذهب إليه القوم، ولا نعرف في لغة شاذة ولا معروفة عن عربي أنه سمى العلم بالكرسي المثقل إلا ما جاء في هذه الرواية ويزول به فيها تعارض عن رجل واحد بعينه. فلا نترك اللغة السائرة الشهيرة عند الخاصة والعامة من لباب العرب والدخلاء فيهم في الكرسي المثقل، والمخفف المهموز لا أصل له في شيء من اللغات – واللغة لسان مسلم له لا يدرك بالنظر والمقاييس ولا يمكن فيه التبديل”. انته‍ى

وما ادعاه هنا ليس من التحقيق في شئ.

راجع الرابط التالي:

https://www.facebook.com/share/p/1PrB4U4bz7/

ملاحظة:

قال ابن تيمية في بيان تلبيس الجهمية: “وقال الشيخ الإمام «أبو أحمد الكرجي القصاب» إمام تلك النواحي علما ودينا، في عقيدته التي ذكر أنها عقيدة أهل السنة، والجماعة، وهي العقيدة التي كتبها الخليفة «القادر» وقرأها على الناس، وجمعهم عليها، واقر بها طوائف السنة”. انتهى

و قال الذهبي في العلو: ” قال العلامة أبو أحمد الكُرْجي في عقيدته التي ألَّفها فكتبها الخليفة القادر بالله وجمع الناس عليها وأمر….”. انتهى

فدعوى أن الكرجي هو الذي كتب الاعتقاد القادري، كذب محض روج له ابن تيمية والذهبي، ولا دليل لهما عليه.

راجع الرابط التالي:

https://www.facebook.com/share/1E9NyYffQ6/