البوطي يتهم الإمام أحمد بالمعتقدات الفاسدة
يقول البوطي في “كبرى اليقينيات” [ص/126] ما نصه [1]: “وأما الكلام الذي هو اللفظ فاتفقوا على أنه مخلوق وعلى أنه غير قائم بذاته سبحانه باستثناء أحمد بن حنبل وبعض أتباعه فقد ذهبوا إلى أن هذه الحروف والأصوات أيضًا قديمة بذاتها وأنها هي المعني بصفات الكلام” اهـ، ثم يقول في الهامش: “نص على ذلك الإمام أحمد بن حنبل في رسالته الرد على الزنادقة وهي رسالة مطولة مطبوعة ضمن مجموعة من الرسائل الكبرى لابن تيمية” اهـ.
الرد: إن الإمام أحمد عقيدته في هذا الأمر كعقيدة سائر أهل السنة والجماعة، والقول بأن الإمام أحمد كان يعتقد أن الصوت والحروف قديمة بذاتها فهذا تضليل وتكفير للإمام والإمام منه براء، بل هذه العقيدة هي عقيدة الصوتيين من المجسمة التي تنتسب زورًا لمذهب أحمد كابن تيمية وغيره.
والذي عليه الإمام أن كلام الله الذاتي الأزلي الأبدي الذي ليس بحرف ولا صوت هو قديم أما الحروف والأصوات فهي مخلوقة، والكلام الذاتي الأزلي لا يمكن أن يتصف بحرف أو صوت لأن الله خالق الحرف والصوت، ولا يمكن أن يتصف الخالق بصفة المخلوق.
وأي عاقل يقول بأن هذه الحروف التي في بسم الله الرحمن الرحيم كل حرف منها قديم، أليس الباء تنتهي عندما ينطق بها، أليس تنقضي ثم تأتي السين ثم تنقضي ثم تأتي الميم ثم تنقضي، فأي عاقل يقول في هذه الحروف إنها أزلية؟! إنما المنقول عن بعض الحنابلة “أن الله تعالى متكلم بصوت قديم”، وفرق بين الصوت والحرف، إذ كل حرف صوت وليس كل صوت حرفًا. أما أنت فقد نسبت إلى الإمام أحمد أنه لا يفرق بين الصوت والحرف.
وأما كتاب الرد على الزنادقة فهو كتاب ليس للإمام أحمد إنما ألصقه المجسمة به ليدّعوا أن أحمد كان على دينهم الخسيس.
وقد ذكر الذهبي في سير أعلام النبلاء [2] في ترجمة الإمام أحمد أن الكتاب المسمى “الرد على الجهمية” موضوع على الإمام أبي عبد الله أحمد بن حنبل، فهذا الرجل –أعني الإمام أحمد- كان تقيًَا ورعًا لا يتفوّه بمثل ذلك.
والرسالة التي ذكرها البوطي المنسوبة للإمام أحمد تسمى “الرد على الجهمية والزنادقة”.
الهوامش:
[1] سير الأعلام [1/286-287].
[2] راجع الكتاب [11/286-287].
