البوطي يدعي أن الوهابية جاءت لمحاربة البدع والخرافات

البوطي يدعي أن الوهابية جاءت لمحاربة البدع والخرافات

يقول البوطي في كتابه المسمى “السلفية” [ص/235]: “في هذه الفترة كان المذهب الوهابي المنسوب إلى صاحبه الشيخ محمد بن عبد الوهاب [1115-1206هـ – 1703-1792] منتشرًا في نجد وبعض أطراف الجزيرة العربية لعوامل معروفة ليس هنا مجال ذكرها وبيانها، وقد كان بين المذهب الوهابي هذا والدعوة التي حملها رجال [الاصلاح الديني] في مصر قاسم مشترك يتمثل في محاربة البدع والخرافات”.

الرد: أنت تدعي ان الوهابية جاءت لمحاربة البدع، ووالله ما أحدٌ ابتدع بتاريخ الإسلام كما ابتدعت الوهابية، ألم يكفهم من الخزي والبدع أنهم نسبوا الجهة والمكان والجلوس والجسم والحرف والحركة والسكون والارتفاع والانخفاض لله تعالى، وحرموا عمل المولد والسفر لزيارة قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم والصلاة على النبي بعد الأذان، وحرموا قراءة القرءان على الأموات.

وها هم اليوم وبعدما انفضحت الوهابية راحوا يتبرءون من هذا الاسم ويدّعون أنهم سلفية ولقد انخدع بهم كثير من الناس فراحوا يسمونهم باسم السلفية وإنما هم كالماسونية التي تتسمى بعدة أسماء.

ولقد وقع بين يدي كتاب نفيس جدًا من أنفس وأدق ما ألف في الوهابية وهو موثق بدقة وهنا اقتطف منه غيضًا من فيض، واسمه “الوهابية في العراء”.

قد يقول قائل إن مؤلف هذا الكتاب ومن أجل جملة قصيرة يتهم البوطي بالدفاع عن الوهابية وذلك ليجد المؤلف فرصة للانقضاض على الوهابية والبوطي في ءان واحد أقول: إن البوطي لا يوافق الوهابية في هذه المسألة فقط بل في عدة مسائل وهي:

– إن الوهابية جاءت لنسف الخُرافات والبدع [وهي مدار بحثنا].

– عدوان البوطي للصوفية مع أنه وافق غلاتهم في مسئلة الحلول.

– موافقته للوهابية في مسئلة البدعة –إذ لا يرى أن هناك بدعة حسنة-.

– موافقته لهم في مسئلة الاستغاثة.

– موافقته لهم في التجسيم.

– موافقته لهم في الدفاع عن ابن تيمية ويقول عنه شيخ، وإمام، ورحمه الله، وقدس الله سره، وينصح بقراءة مؤلفاته.

– موافقته لهم في نسبة القول بالحرف والصوت لله تعالى وينسبونه للإمام أحمد زورًا.

وبالعودة إلى كتاب “الوهابية في العراء” يقول المؤلف:

ملاحظة هامة جدًا:

ينكر الوهابية أن يكون هناك مذهب وهابي أو طائفة تسمى الوهابية لأنهم يعرفون أن تاريخهم حافل بالفساد والخراب والإرهاب ويتسرتون زورًا وبهتانًا وكذبًا باسم السلفية.

ومما يؤكذ لك أنهم وهابية وأن هذا الاسم ينطبق عليهم تمامًا وهذا هو الواقع حقًا ما جاء في كتاب لهم نشروه بعنوان الشيخ محمد بن عبد الوهاب عقيدته السلفية ودعوته الإسلامية بقلم أحمد بن حجر ءال بوطامي ءال بن علي أحد كبار دعاتهم في قطر وقضاتهم قدّم له عبد العزيز بن عبد الله بن باز/الطبعة الثانية 1393هـ طبع شركة مطابع الجزيرة [ص/105] حيث يقول: “فلما التقى بالوهابيين في مكة”، ويقول: “استطاع هؤلاء المسلمون الوهابيون أن يقيموا الدولة الإسلامية على أساس من المبادئ الوهابية”، ويقول: “ولكن الدعوة الوهابية”، ويقول: “يدينون بالإسلام على المذهب الوهابي”.

ومما يؤكد أنهم هم الوهابية ما جاء في كتاب محمد بن جميل زينو المدرس الوهابي في مكة الذي أسماه “قطوف من الشمائل المحمدية” –طبع دار الصحابة- قام بتوزيعه ونشره في لبنان الجمعية الوهابية المسماة جمعية النور والإيمان الخيرية الإسلامية [ص/67] مفتخرًا باسم الوهابية ويقول على زعمه: “وهابي نسبة إلى الوهاب وهو اسم من أسماء الله”.

وقد كذب في هذا فإن الوهابي نسبة إلى المبتدع المجسم محمد بن عبد الوهاب، لكنه جهل أن العرب تنسب للمضاف إليه فتقول في المنسوب لعبد قيس قيسيّ.

ومما يؤكذ ذلك أيضًا اعترافهم بأن ما هم عليه هو الدين الوهابي وتسميتهم لذلك بالحركة الوهابية كما ترى ذلك واضحًا في تسمية كتاب أحد رؤوسهم وهو محمد خليل هراس حيث أسماه “الحركة الوهابية”، طبع دار الكتاب العربي الذي يدافع فيه عن الوهابية ويسميها الدعوة الوهابية أنظر [ص/37].

فقد ثبت لك بما أقروا به على أنفسهم وبأقلام رؤسائهم وكبارهم أنهم هم الحركة الوهابية، فكن على ذُكْرٍ من ذلك متنبهًا لتمويهاتهم بالأسماء الكثيرة والمتنوعة البراقة والرنانة التي يدخلون بها إلى بيوتات الناس، وكفى الله البلاد والعباد هذه الفتنة.

إذًا فالوهابية هم أعداء المؤمنين وأحباب وأعوان الكافرين.

من أقوال الوهابية الموافقة لعقيدة اليهود

ففي نسخة التوراة المحرفة التي هي أساس دين اليهود الذي يسمونه الكتاب المقدس سفر الملوك الإصحاح الأول الرقم “19-20” يقول اليهود لعنهم الله: “وقال فاسمع إذًا كلام الرب قد رأيت الرب جالسًا على كرسيه وكل جند السماء وقوف لديه عن يمينه وعن شماله”. وإليك طائفة من أقوال من مراجع تعتمدها الوهابية بل تعتمد اللفظ عينه، والكفرُ قد جمع بينهما:

– في كتاب “مجموع الفتاوى” –المجلد الرابع- ص/374 لابن تيمية الحراني الذي يعتبره الوهابية أتباع محمد بن عبد الوهاب إمامهم يقول ما نصه: :إنّ محمدًا رسول الله يجلسه ربه على العرش معه” اهـ.

– وفي كتاب “مجموع الفتاوى” –المجلد الخامس ص/527، وكتاب شرح حديث النزول- طبع دار العاصمة ص/400 يقول ابن تيمية: “فما جاءت به الآثار عن النبي من لفظ القعود والجلوس في حق الله تعالى كحديث جعفر بن أبي طالب وحديث عمر أولى أن لا يماثل صفات أجسام العباد” اهـ.

وهذا الكتاب المسمى شرح حديث النزول فيه بيان شدة خبث وضلال ابن تيمية وبُعده عن الحق وهو كتاب مطبوع في الرياض سنة 1993 قام بطبعه دار العاصمة، وعلّق عليه محمد الخميس الذي يوافق ابن تيمية في التشبيه والتجسيم.

واعلم أن لفظة الجلوس لم يرد إطلاقها على الله لا في القرءان ولا الحديث إنما هي من بدع ابن تيمية الكفرية وأتباعه الوهابية المشبهة ومن وافقهم.

– وفي كتاب الدارمي [1] على بشر المريسي –طبع دار الكتب العلمية ص/74 بتعليق محمد حامد الفقي يقول المؤلف الدارمي: “وإن كرسيه وسع السموات والأرض، وإنه ايقعد عليه فما يفضل منه إلا قدر أربع أصابع، وإن له أطيطًا كأطيط الرحل الجديد إذا ركبه من يثقله”، وينسب هذا الكفر إلى النبي والعياذ بالله وهذا الكتاب يعتمده الوهابية.

وهذا الكتاب هو وكر ومخبأ لعقيدتهم الخبيثة حتى إنه لتشمئزُّ منه نفوس الذين ءامنوا من بشاعة الكفر الذي فيه. وما تمسكهم بهذا الكتاب مع ما فيه من ضلال إلا تعصب لزعيمهم ابن تيمية الذي مدح هذا الكتاب وحث على مطالعته ويدّعي كذبًا أنه يشتمل على عقيدة الصحابة والسلف.

وقد نقل هذا المدح عن ابن تيمية تلميذه ابن قيم الجوزية المولع باتباع مفاسده في كتابه “اجتماع الجيوش”.

– وفي كتاب “شرح القصيدة النونية” لاين قيم الجوزية تأليف محمد خليل هراس ص/256 يقول: “قال مجاهد: إن الله يُجلس رسوله معه على العرش” اهـ. وهذا كذب على مجاهد.

– وفي كتاب بدائع الفوائد طبعة دار الكتاب العربي 4/40 لابن قيم الجوزية تلميذ ابن تيمية يقول:

“ولا تنكروا أنه قاعد *** ولا تنكروا أنه يقعده”

وقد كذب على الدارقطني في نسبة هذا البيت له.

– وفي كتاب “معارج القبول” تأليف حافظ حكمي علق عليه صلاح عويضة وأحمد القادري –الطبعة الأولى طبعة دار الكتب العلمية الجزء الأول ص/235- يقول:”قال النبي: إن الله ينزل إلى السماء الدنيا وله في كل سماء كرسي، فإذا نزل إلى السماء الدنيا جلس على كرسيه ثم مد ساعديه، فإذا كان عند الصبح ارتفع فجلس على كرسيه”.

– وفي ص/236 يقول والعياذ بالله: “قال النبي: ثم ينظر –يعني الله- في السعة الثانية في جنة عدن وهي مسكنه الذي يسكن”.

– وفي ص 127 يقول هذا المشبّه: “قالت امرأة: يوم يجلس الملك على الكرسي فيؤخذ للمظلوم من الظالم”.

ويقول محمد زينو في كتابه المسمى مجموعة رسائل التوجيهات الإسلامية لإصلاح الفرد والمجتمع طبع دار الصميعي الرياض ص/21: “إن الله فوق العرش بذاته منفصل من خلقه”.

– وفي الكتاب المسمى “فتح المجيد شرح كتاب التوحيد” تأليف عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوهاب طبعة دار الندوة الجديدة بيروت ص/356 يقول حفيد محمد بن عبد الوهاب موافقًا لعقيدة اليهود: “قال الذهبي: حدث وكيع عن إسرائيل بحديث: إذا جلس الرب على الكرسي”.

وقد قام كبير دعاتهم اليوم والممثل لهم عبد العزيز بن باز بمراجعة هذا الكتاب والموافقة على طبعه مع مراجعة الحواشي التي كتبها محمد حامد الفقي واستحسن ما فيه وأثنى عليه بعبارات كثيرة، وهذا يدل على أن ابن باز على تلك العقيدة الفاسدة.

الهوامش:

[1] هو عثمان بن سعيد الدارمي وهذا المشبّه توفي سنة 282هـ، وهو غير الإمام الحافظ السني أبي محمد عبد الله بن بهرام الدارمي رحمه الله صاحب كتاب السنن الذي توفي سنة 255هـ، فليتنبه لهذا.

خاتمة هذا الفصل

وفيما ذكرنا –وهو قليل من كثير- يتبين لك أيها القارئ الاتحاد والاتفاق بين عقيدة اليهود والوهابيين في نسبة الجلوس إلى الله.

وانظر بعين المطالع المنصف إلى استعمال الوهابية من رأسهم ابن تيمية إلى أتباعهم من أهل هذا العصر للعبارات الكفرية عينها التي وردت في كتب اليهود فيتبين لك صحة ما قيل من أن الواهبية طائفة موافقة لليهود في المعتقد، وهم مهما حاولوا أن ينفوا عن زعمائهم وصمة التشبيه فقد أشربوا في قلوبهم التجسيم كما أُشرب اليهود حب العجل فانطبع ذلك في قلوبهم.

الوهابية ينسبون الشكل والصورة لله

وكما تجرأ اليهود على وصف الله بالصورة والشكل فإن المرجع الأكبر للوهابية ابن تيمية اتبع أسياده اليهود في هذه الكفرية.

– ففي كتاب “عقيدة أهل الإيمان في خلق ءادم على صورة الرحمن” تأليف حمود بن عبد الله التويجري، وفيه تقريظ كبير لابن باز، طبعة دار اللواء الرياض –الطبعة الثانية يقول المؤلف ص/16: “قال ابن قتيبة: قرأت في التوراة: إن الله لما خلق السماء والأرض قال: نخلق بشرًا بصورتنا”.

– وفي ص/17 يقول: “وفي حديث ابن عباس: إن موسى ضرب الحجر لبني إسرائيل فتفجّر وقال: اشربوا يا حمير فأوحى الله إليه: عمدت إلى خلقٍ من خلقي خلقتهم على صورتي فشبهتهم بالحمير، فما برح حتى عوتب”.

والعياذ بالله من الكذب على الله وعلى أنبيائه.

– وفي ص/27 يقول المؤلف: “قال رسول الله: فإن صورة وجه الإنسان على صورة وجه الرحمن”.

ومما يدل على أن الوهابية يعتقدون هذا الكفر البشع وإن أخفوه عن كثير من العوام، ومنهم من خلع ثوب الحياء ورمى إزار الخجل عن نفسه حتى بدت سوأته وظهر عَوَرُهُ وبان كفره واتضح شرُّه أنهم طبعوا كتابًا سموه: “للذي يسأل أين الله” –طبعة دار البشائر- بيروت تحت عنوان: ما هو شكل الله يقولون ص/100: “لا نعرف لله شكلاً وهو أمرٌ خارج عن نطاق البحث الفعلي”.

ينسبون الحرف والصوت لله

وفي عقيدة اليهود ما جاء في الكتاب المسمى “العهد القديم” سفر التثنية الإصحاح “5” الرقم “26”، يقول اليهود: “من جميع البشر الذي سمع صوت الله”.

– وفي حاشية الكتاب المسمى “كتاب التوحيد” لابن خزيمة طبع دار الدعوة السلفية يقول محمد خليل هراس المعلق على هذا الكتاب ص/138: “وإن كلامه حروف وأصوات يسمعها من يشاء من خلقه”.

– وفي ص؟146 يقول المعلّق أيضًا: “يسمعون صوته عز وجل بالوحي قويًّا له رنين وصلصلة ولكنهم لا يميزونه، فإذا سمعوه صعقوا من عظمة الصوت وشدته”.

– وفي كتاب “الأسماء والصفات” لابن تيمية الجزء الأول دراسة وتعليق مصطفى عبد القادر عطا طبع دار الكتب العلمية بيروت 1988 يقول ابن تيمية في معرض ردّه على الجهمية ص/73: “وحديث الزهري قال: فلما رجع موسى إلى قومه قالوا له صف لنا كلام ربك، قال: سمعتم أصوات الصواعق التي تقبل في أحلى حلاوة سمعتموها؟ فكأنه مثله”.

– وفي كتاب “شرح نونية ابن القيم” لمحمد خليل هراس ص/545 يقول المؤلف: “ولكنه –أي القرءان- قول الله الذي تكلم به بحروفه وألفاظه بصوت نفسه”.

– وفي الكتاب المسمى “فتاوى العقيدة” لمحمد بن صالح العثيمين، طبع ما يسمى مكتبة السنة الطبعة الأولى 1992 بمصر يقول ص/72: “في هذا إثبات القول لله وأنه بحرف وصوت، لأن أصل القول لا بد أن يكون بصوت فإذا أطلق القول فلا بد أن يكون بصوت”.

– وفي كتاب “معارج القبول” تأليف حافظ حكمي الجزء الثاني –طبعة دار الكتب العلمية- بيروت ص/191 يقول: “فيضع الله كرسي حيث يشاء من أرضه ثم يهتف بصوته” وينسب هذا للنبي والعياذ بالله.

ومهما حاولوا أن يبرئوا ساحة زعيمهم ابن تيمية عن هذا الضلال المبين فها هي كتبهم ومؤلفاتهم طافحة بما سطرته أيديهم الأثيمة من كلام الدارمي إلى ابن تيمية وابن القيم إلى محمد بن عبد الوهاب وحفيده عبد الرحمن إلى ابن باز والعيثمين إلى محمد هراس وحافظ حكمي وأبي بكر الجزائري وعبد الرحمن دمشقية وعبد الله السبت وغيرهم من شراذم المشبهة المجسمة ممن يروّجون وينتصرون لعقيدتهم ويدافعون عنها كما ثبت لك أيها القارئ.

فائدة هامة: اعلم أن الحافظ البيهقي قال: “لم يصح من أحاديث الصوت شيء”، وألف الحافظ المقدسي جزءًا في إبطال أحاديث الصوت تتبعها حديثًا حديثًا وبيّن وجه ضعفها.

نسبتهم الفم واللسان إلى الله والعياذ بالله

ومن عقيدة اليهود ما جاء في الكتاب المسمى “العهد القديم” وهو نسخة التوراة المحرفة فيما يسمونه سفر أيوب الإصحاح “37” الرقم “2-6” يقول اليهود لعنهم الله تعالى: “اسمعوا سماعًا رعد صوته والرفدمة الخارجة من فيه تحت كل السموات”.

– ففي كتاب “الأسماء والصفات” لابن تيمية الجزء الأول ص/73 يقول ابن تيمية في معرض رده على الجهمية: “وحديث الزهري قال: لما سمع موسى كلام ربه قال: يا رب هذا الذي سمعته هو كلامك؟ قال: نعم يا موسى هو كلامي وإنما كلمتك بقوة عشرة ءالاف لسان”.

– وفي كتاب الأسماء والصفات لابن تيمية ص/91 يقول ابن تيمية: “فثبت بالسنة والإجماع أن الله يوصف بالسكوت لكن السكوت تارة يكون عن التكلم وتارة عن إظهار الكلام وإعلامه”.

نسبتهم الحركة والسكون والنزول الحسي إلى الله

وفي عقيدة اليهود ما جاء في الكتاب المسمى العهد القديم فيما يسمونه سفر التكوين الإصحاح “11” الرقم “5” يقول اليهود: “فنزل الرب لينظر للمدينة والبرج اللذين كان بنو ءادم يبنوهما”.

– أما الوهابية ففي الكتاب المسمى السُّنَّة طبع ونشر وتوزيع رئاسات البحوث والإفتاء والدعوة الوهابية ص/76 يقول المؤلف: “إن الله يقظان لا يسهو يتحرك ويتكلم”.

– وفي كتاب “الدارمي” ص/55 يقول المؤلف: “فالله الحي القيوم الباسط يتحرك إذا شاء”.

– ويقول الدارمي ص/55: “إن الله إذا نزل أو تحرك”.

– وفي ص/121 يقول المؤلف: “لا نسلّم أن مطلق المفعولات مخلوقة وقد أجمعنا واتفقنا على أن الحركة والنزول والمشي والهرولة والغضب والحب والمقت كلها أفعال في الذات للذات وهي قديمة”.

وهذه النقولات صريحة في بيان أن فظاعة الكفر التي عند اليهود انتقلت للوهابية فلم يبق إلا أن يصرحوا بأن معبودهم على صورة الإنسان بعدما وصفوا الله بالجسم والصورة والكيف والحركة والسكون والتكلم بالحرف والصوت والسكوت واليدين الجارحة والفم والرجل الجارحة، حتى لم يتركوا من صفات البشر إلا اللحية والفرج.

وإليك الآن ما يذهلك أيها المسلم فإن الوهابية تدّعي الإسلام ومع ذلك تقول بمقولة اليهود فنعوذ بالله من الجرأة على الله.

نسبتهم الرجل والعين على معنى الجارحة إلى الله والعياذ بالله

ففي عقيدة اليهود ما جاء في الكتاب الذي يسمونه سفر الخروج الإصحاح “15” الرقم “16” يقول اليهود لعنهم الله: “بعظمة ذراعك يصمتون كالحجر”.

– وفي كتاب رد الدارمي على بشر المريسي السابق ذكره ص/26 يقول الدارمي المجسم: “فأكد الله لآدم الفضيلة التي كرّمه وشرّفه بها وءاثره على جميع عباده إذ كل عباده خلقهم بغير مسيس بيد وخلق ءادم بمسيس”.

– وفي ص/30 يقول هذا المشبه: “فلما قال خلقت ءادم بيديّ علمنا أن ذلك تأكيد ليديه وأنه خلقه بهما”.

– وفي حاشية الكتاب المسمى “كتاب التوحيد” لابن خزيمة يقول محمد خليل هراس المعلق على هذا الكتاب ص/63: “فإن القبض إنما يكون باليد الحقيقية لا بالنعمة، فإن قالوا إن الباء هنا للسببية أي بسبب إرادته الإنعام، قلنا لهم: بماذا قبض؟ فإن القبض محتاج إلى ءالة، فلا مناص لهم أو أنصفوا من أنفسهم إلا أن يعترفوا بثبوت ما صرّح به الكتاب والسنة”.

– وفي ص/64 يقول المعلق أيضًا: “هذه الآية صريحة في إثبات اليد فإن الله يخبر فيها أن يده تكون فوق أيدي المبايعين لرسوله ولا شك أن المبايعة إنما تكون بالأيدي لا بالنعم ولا بالقدر”.

– وفي الكتاب المسمى “عقيدة أهل السنة والجماعة” طبع مؤسسة قرطبة الأندلس ص/14-15 يقول ابن عثيمين المشبّه: “ونؤمن بأن لله عينين اثنتين حقيقيتين”، ويقول: “وأجمع أهل السنة على أن العينين اثنتان”.

– وفي كتاب “معارج القبول” –الجزء الأول تأليف حافظ حكمي ص/36، يقول: “ثم ينظر في الساعة الثانية في جنة عدن وهي مسكنه الذي يسكن” وينسب هذا الكفر للني والعياذ بالله.

– وفي كتاب “فتاوى العقيدة” الذي مرّ ذكره ص/88 يقول محمد بن صالح العثيمين: “لأن الله وسع كرسيه السموات والأرض والسموات والأرض كلها بالنسبة للكرشي موضع القدمين”.

– وفي الكتاب المسمى “تفسير ءاية الكرسي” لمحمد بن عثيمين ص/27 يقول ما نصه: “والكرسي هو موضع قدمي الله عز وجل”.

– وفي الكتاب المسمى “فتاوى العقيدة” لمحمد بن صالح العثيمين ص/112 يقول: “إن الله يأتي إتيانًا حقيقيًا”، ويقول في ص/114: “فإن ظاهره ثبوت إتيان الله هرولة وهذا الظاهر ليس ممتنعًا على الله فيثبت لله حقيقة”.

فمن أثبت لله الحدقة واليد الجارحة والصورة كيف يتورع على زعمه عن إثبات الرجل والعين بمعنى العضو والآلة. ثم ما هذا التناقض في دين الوهابية حيث إن أسلافهم لا ينسبون إلى الله اليد الشمال بل يكتفون بوصفه بأن له يدين جارحتين كلاهما يمين وهذا باطل أيضًا، أما وهابية هذا الزمان فلا يتحرّجون عن إثبات اليمين والشمال له تعالى، فبئس السلف وبئس الخلف.

نسبتهم المكان والجهة والحد والتحيز إلى الله والعياذ بالله

ومن عقيدة اليهود ما جاء في كتابهم المسمى سفر مزامير الإصحاح “2” الرقم “4” يقول اليهود لعنهم الله عن الله: “الساكن في السموات يضحك الرب”.

وهاكم الآن بعضًا من كفر الوهابية مما يتضمن وصف الله بالمكان والجهة والحد والتحيز تعالى الله عما يفتريه الكافرون:

– ففي كتاب رد الدارمي على بشر المريسي والذي هو مخبأ ووكر لعقائدهم الخبيثة وهو أحد مراجعهم ص/100 يقول والعياذ بالله: “رأس الجبل أقرب إلى الله من أسفله، ورأس المنارة أقرب إلى الله من أسفلها لأن كل ما كان إلى السماء أقرب كان إلى الله أقرب، فحملة العرش أقرب إليه من جميع الملائكة”.

– وفي كتاب “شرح نونية ابن القيم” لمحمد خليل هرّاس ص/249 يقول: “وهو صريح في فوقية الذات لأنه ذكر أن العرش فوق السموات وهي فوقية حسيّة بالمكان فتكون فوقية الله على العرش كذلك، ولا يصح أبدًا الفوقية هنا على فوقية القهر والغلبة”.

– وفي الكتاب المسمى “قرة عيون الموحدين” تأليف عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوهاب الطبعة الأولى مكتبة المؤيد –الطائف سنة 1990 ص/263 ينقل ما نصه: “أجمع المسلمون من أهل السنة على أن الله مستوٍ على عرشه بذاته”، ثم قال: “استوى على عرشه بالحقيقة لا بالمجاز”.

وذكره أيضًا في كتابه المسمى فتح المجيد الذي علق عليه ابن باز موافقًا لهذا الاعتقاد المخالف للكتاب والسنة.

– وفي كتاب ابن باز المسمى “العقيدة الصحيحة وما يضادها” طبع ونشر الرئاسة العامة لإدارات البحوث والإفتاء والدعوة الوهابية ص/72 يقول ابن باز ما نصه: “إن الله بذاته فوق العرش” اهـ.

نقول: وهذا كلام فاسد مخالف للنقل والعقل. ثم أليس يقول ابن باز بمنع البدعة؟ أليس قوله إن الله بذاته فوق العرش بدعة؟ فإن زعم أنها ليست بدعة فنحن نتحداه أن يأتي بنص لما زعمه ولن يستطيع.

– وفي كتاب شرح العقيدة الواسطية لمحمد خليل هراس ص/92 يقول: “وإن أريد بها جهة العلو فهي على حقيقتها”.

– وفي كتاب الرسالة التدمرية لابن تيمية ص/85 يقول هذا المجسّم مفتريًا على أهل السنة: “فلم ينطق أحد منهم في حق الله بالجسم لا نفيًا ولا إثباتًا، ولا بالجوهر والتحيز ونحو ذلك لأنها عبارات مجملة لا تحق حقًّا ولا تبطل باطلاً”.

– وفي كتابه “بيان تلبيس الجهمية” ص/427، وكتاب “منهاج السنة” ص/29-30 الجزء الثاني يقول ابن تيمية نقلاً عن المجسم عثمان بن سعيد الدارمي موافقًا له ما نصه: “وقد اتفقت الكلمة من المسلمين والكافرين على أن الله في السماء وحدّوه بذلك”.

أقول: هذا كلام ابن تيمية بينما يقول سيدنا علي: “من زعم أن إلهنا محدود فقد جهل الخالق المعبود”، فمع أي سلف أنتم على زعمكم يا وهابية.

– وفي كتاب “شرح حديث النزول” طبع دار العاصمةو ص/182 يقول ابن تيمية مفتريًا على الأشعري وأصحابه ما نصه: “إن الله فوق السموات بذاته”.

– وفي كتاب “تفسير ءاية الكرسي” لابن عثيمين ص/33 يقول هذا المشبه: “فأما علو الذات فهو أن الله عال بذاته فوق كل شئ، وكل الأشياء تحته والله عز وجل فوقها بذاته”.

فلا يخفى على ذي لبّ وفهمٍ أن عقيدة أهل السنة على خلاف ما عليه هؤلاء المدّعون الفارغون النجديون التيميّون حيث يجب بإجماع أهل الإسلام تنزيه الله عن المكان والجهة والتحيز. قال الإمام أبو جعفر الطحاوي الذي هو من السلف زمانًا وعقيدة حقيقة: “ومن وصف الله بمعنى من معاني البشر فقد كفر”، أليس المكان من صفة البشر، أليس التحيز من صفة البشر، أليست الجهة من صفة البشر فأين عقولكم؟!

والآن بعد أن بيّنا لك أيها القارئ عقيدة الوهابية الموافقة لعقيدة اليهود تنقل إليك دفاع الوهابية عن اليهود وعدم تكفيرهم لهم، وكيف يكفّرونهم وهم الذين يعتبرونهم مؤمنين، وهذا ما ستراه في كتب زعمائهم ومراجعهم وكبار أئمة الضلال عندهم:

ابن تيمية واليهود:

ذكر الحافظ أبو سعيد العلائي شيخ الحافظ العراقي فيما رواه الحافظ المحدث المؤرخ شمس الدين بن طولون في كتابه ذخائر القصر ص/96 وهو مخطوط عن ابن تيمية أنه قال:

“إن التوراة لم تبدّل ألفاظها بل هي باقية على ما أنزلت وإنما وقع التحريف في تأويلها”، وله في ذلك مصنّف أي لابن تيمية.

ويقول الشيخ محمد زاهد الكوثري في كتابه “الإشفاق على أحكام الطلاق” طبعة دار ابن زيدون ص/72: “ولو قلنا لم يُبْلَ الإسلام في الأدوار الأخيرة بمن هو أضرُّ من ابن تيمية في تفريق كلمة المسلمين لما كنا مبالغين في ذلك، وهو سهلٌ متسامحٌ مع اليهود يقول عن كتبهم إنها لم تحرّف تحريفًا لفظيًا”.

محمد ناصر الألباني واليهود

ومما قام به أحد أركان الوهابية المدعو محمد ناصر الدين الألباني رأس الوهابية في الأردن مما يرضي اليهود أسياده ويفرحهم، ولا شك أنهم استحسنوا ذلك منه، أنه دعا إلى تفريغ فلسطين من أهلها وأوجب عليهم الهجرة منها والخروج منها وزعم أن شهداء الانتفاضة منتحرون وأن شعب الانتفاضة خاسرون ويزعم أن هذه هي السنّة، أنظر جريدة “اللواء” اللبنانية بتاريخ 7/7/93 ص/16، وكتاب “فتاوى الألباني” جمع عكاشة عبد المنان –طبع مكتبة التراث- ص/18، وكذلك شريط مسجّل بصوت الألباني في بيته بتاريخ 22/4/93. وإليك أيها القارئ ما نشرته الصحف بتاريخ 1/9/93 ونصه:

لماذا قال الألباني: كل من بقي في فلسطين هو كافر؟

إن قضية فتوى المدعو محمد ناصر الدين الألباني التي قال فيها: “إن على الفلسطينيين أن يغادروا بلادهم ويخرجوا إلى بلاد أخرى، وإن كل من بقي في فلسطين منهم فهو كافر”، هذه الفتوى الغريبة العجيبة لا تزال تثير ردود أفعال عديدة، ولم يقتصر أثرها على الأردن حيث يعيش هذا الوهابي بل امتد إلى بقية أنحاء العالم العربي الأخرى.

فتوى غريبة بالطبع، لم تمرّ دون التصدي لها من عشرات الشخصيات الدينية ورجال الفكر. وممن ردّ على هذه الفتوى الدكتور صالح الخالدي حيث قال: إن الشيخ الألباني في فتواه خالف السنّة، وأنه قد يكون وصل إلى مرحلة الخوف، وطلب الدكتور الخالدي من أتباع الشيخ ومريديه ألا يسيروا وراءه دون تفكير.

وعلّق الدكتور علي الفقير عضو مجلس النواب الأردني على فتوى الشيخ الألباني قائلاً: “إن هذه الفتوى صادرة عن شيطان”، واستغرب الدكتور الفقير أن يطلب من سكان فلسطين ترك وطنهم بحجة أن اليهود يحتلونها.

وقد تصدت للمسألة قطعًا للجدل هيئة التدريس في كلية الشريعة في الجامعة الأردنية، وأصدرت بيانًا نددت فيه بفتوى الألباني، وبيّنت المغالطة التي وقع فيها في فتواه، ففلسطين من ديار الإسلام، والواجب يقضي بتضافر جميع الجهود لاستعادة الحق السليب لا ترك هذا الحق لمغتصبيه.

وقال الدكتور علي الفقير: “إن منطق هذا الشيخ منطق يهودي صرف”. والنتيجة نفسها توصّل إليها مراقبون سياسيون، ولم يبرئوا الفتوى من غاية مدسوسة قد يكون هذا الشيخ على دراية بها اهـ.

فقد اتضح جليًّا من أين تأخذ الوهابية عقيدتها ودينها، إنها تأخذها من كتب اليهود التي كتبوها بأيديهم ولعنوا بذلك، ولكن خسئ ابن تيمية وأتباعه الوهابية الذين ينكرون هذا ويعتبرون أن الرسول لم يعترض على كذبهم على الله ولم ينكر عليهم كفرهم وإشراكهم ونسبتهم الشكل والصورة الحقيقية إلى الله، وبذلك يكونون قد كفّروا الرسول ونسبوا إليه الضلال ليموهوا على الناس اعتقادهم الكفري مع نسبة ذلك إلى النبي، وبذلك يكونون قد أعظموا الفرية على الله وعلى رسوله، والله ورسوله والمؤمنون براء منهم ومن دينهم الكفري. وعقيدتهم أن الإسلام سمح بحرية العقيدة وأن الإسلام على زعمكم لم يكره أحدًا على اعتناقه بل ترك الحرية والاختيار لاتباع غيره من الأديان الباطلة، بل ورخص لهم بالبقاء على عقيدتهم على زعمكم فلمّ أُرسِلَ رسول الله محمد؟!! ولِمَ قاتل المشركين كافة؟! ولِمَ جاهد المنافقين وأظهر خبثم؟! ولمَ قاتل اليهود أسيادهم؟! ولمَ تكلف أتباعه من بعده من صحابةٍ وتابعين بنشر الإسلام في الأرض شرقًا وغربًا؟!!

إذن قد ظهر الحق وبان وانكشف وعرف الناس من يدافع عن اليهود ويحمي عقيدتهم وينشرها لهم بين المسلمين. وقد عرف الناس أيضًا من يوطد لليهود ليسيطروا على بلاد المسلمين والعرب فها هي أذنابهم تنشر الرعب بين الآمنين في بلاد المسلمين تقتيلاً وإرهابًا وتفجيرًا وتفخيخًا وبقرًا لبطون الحوامب وذبحًا للكبار والصغار والذكور والإناث والشباب والعُجّز، كل ذلك على زعمهم باسم الإسلام وإقامة دولة الإسلام، وما هو إلا خدمة واضحة للصهاينة أصحاب الفتن وأحبابهم. لقد ظهر للناس وبان من يتبع الإسلام ومن يتبع اليهودية وإن سمّوا أنفسهم وأحزابهم وجماعاتهم وتنظيماتهم ومؤسساتهم ومراكزهم بأسماء إسلامية فإن نور الحق ساطع لا يحجبه ظلام الباطل وسواده. فاعرفوا أيها الناس يهود الداخل الذين يمكّنون لإخوانهم وأسيادهم يهود الخارج.

الوهابية والقطبية يكفّرون الأمة الإسلامية

ومن مخازي الوهابية وجماعة سيد قطب أنهم يكفّرون المؤمنين ويستبيحون دماءهم وأموالهم ونساءهم وذراريهم وهم مع ذلك يمدحون أهل الشرك والكفر كاليهود ومشركي قريش الذين حاربوا رسول الله وتصدوا لدعوته كأبي لهب وأبي جهل فهما عند الوهابية من المؤمنين الموحدين وأنهما على زعمهم أكثر توحيدًا لله وأخلص إيمانًا به من المسلمين الذين يتوسلون بالأولياء والصالحين.

وقد تجرأوا على هذا القول الشنيع ولم يكتفوا بإضماره في قلوبهم بل خطّته أياديهم الأثيمة وطبعته في كتاب أسموه “كيف نفهم التوحيد” تأليف محمد أحمد باشميل، طبع ونشر الرئاسة العامة لإدارات البحوث والإفتاء [الدعوة الوهابية التي يرأسها كبير قومهم عبد العزيز بن عبد الله بن باز] الرياض سنة 1987. وبمقابل ثنائهم وحبهم لليهود وأعوان اليهود وأشباه اليهود أنظر ماذا يقولون عن المسلمين قاطبة، ففي الكتاب المسمى “المجموع المفيد من عقيدة التوحيد” تأليف علي بن محمد سنان طبع مكتبة دار الكتب الإسلامي المدينة المنورة ص/55 يقولون: “إن هذه الطرق الصوفية المنتشرة في الناس للدَجل والدجالين هي المعول الذي هدم به اليهود والفرس صرح الإسلام وهي اليد الأثيمة التي مزقت الإسلام وأن شيوخ الطرق الصوفية هم الذين يمكّنون للمستعمرين في مراكش وتونس والجزائر والهند وفي السودان وفي مصر وفي كل مكان، أيها المسلمون لا ينفع إسلامكم إلا إذا أعلنتم الحرب الشعواء على هذه الطرق وقضيتم عليها فأخرجتموها من بين جنوبكم ومن قلوبكم ومجالسكم ومجامعكم ومساجدكم وزواياكم حاربوها قبل أن تحاربوا اليهود فإنها روح اليهودية والمجوس تغلغلت في جسم الإسلام فزلزلته وأوهنته”.

وزادوا على هذا الضلال أنهم كفّروا أهل المذاهب الأربعة ومقلديهم واعتبروا أن مشركي قريش أخف شركًا وأيسر كفرًا من أهل المذاهب الأربعة ذكروا ذلك في كتاب أسموه “الدين الخالص” تأليف محمد صديق حسن القنوجي الجزء الأول ص/140 طبع دار الكتب العلمية-بيروت.

فما أوقحهم وما أغباهم وهل أهل المذاهب الأربعة إلا جمهور هذه الأمة التي مدحها الله تعالى بقوله: {كُنتم خيرّ أمةٍ} [سورة ءال عمران/110]، وانظر إلى قولهم :”تقليد المذاهب من الشرك”، وفي كتابهم المسمى “الدين الخالص” ص/140، فهذا تصريح منهم بتكفير الشافعية والحنفية والمالكية والحنابلة وسائر أهل المذاهب المعتبرة.

بل زادوا ضلالاً وخبثًا لما اعتبروا أن البشر كلهم أولاد زنى حيث كفّروا السيدة حواء وجعلوها مشركة، انظر إلى قولهم في كتابهم الدين الخالص 1/160 حيث يقولون: “الصحيح أن الشرك إنما وقع من حواء فقد دون ءادم عليه السلام” فبربكم من يعتبر أم البشر السيدة حواء رضي الله عنها مشركة كافرة أفلا يكون مؤدّى قوله هذا أن ءادم عليه السلام تزوج من كافرة مشركة وأنه ولد منها أولادًا والوهابية تزعم أنهم من زنى. ومن كفّر السيدة حواء فقد زاد شره لما كفّر صحابة رسول الله محمد عليه السلام، فقد ذكر عبد العزيز بن باز في تعليقه على شرح البخاري الجزء الثاني [طبع دار المعرفة ص/95 بيروت] تكفيره للصحابي الجليل بلال بن الحارث المزني، واعتبر أن زيارته لقبر النبي وتوسله بالرسول عند القحط في زمن عمر رضي الله عنهما شرك، وليس هذا فقط بل شيخه أحمد بن تيمية الحراني المجسّم كفّر عبد الله بن عمر رضي الله عنهما الذي شهد له الرسول بالصلاح وكان معروفًا بالعلم والفهم والورع بعد أن نقل ابن تيمية في كتابه “اقتضاء الصراط المستقيم” طبع دار المعرفة بيروت ص/390 عن تتبع ابن عمر للأماكن التي صلى فيها رسول الله وتحراها لأجل الصلاة فيها يقول ابن تيمية: “وذلك ذريعة إلى الشرك بالله”.

وفي الكتاب المسمى “فتح المجيد شرح كتاب التوحي” تأليف عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوهاب [راجعه وعلق عليه عبد العزيز بن باز طبع دار الندوة الجديدة – ص/190] يكفّر أهل السنة في بلاد الشام واليمن وفي الجزيرة العربية والحجاز والعراق ومصر ويزعم أن أهل الشام يعبدون ابن عربي وأن أهل مصر يعبدون البدوي وأن أهل العراق يعبدون الجيلاني وأن أهل الحجاز واليمن يعبدون الطواغيت والأحجار والأشجار والقبور.

فإذا كان أهل هذه النواحي والبلاد من المسلمين كفارًا عند الوهابية فأين المسلمون يا وهابية؟!!

أهل السنة

فمن يعتبر أهل الإسلام في هذه الأقطار مشركين كيف يُعتبر في عداد أهل الفرقة الناجية. إن أهل السنة اليوم إما أشاعرة أو ماتريدية فحيثما تجد مسلمًا سنيًّا تراه أشعريًا أو ماتريديًا على رغم أنف الوهابية التي تكفّر الأشاعرة والماتريدية كما تجد ذلك في كتابهم المسمى زورًا وبهتانًا “من مشاهير المجددين في الإسلام” –طبع الإدارة العامة للبحوث والدعوة الوهابية- الرياض ص/32 تأليف صالح بن فوزان حيث يعتبر الأشاعرة والماتريدية مخالفين للصحابة والتابعين والأئمة الأربعة ثم يقول: “فلم يستحقوا أن يلقبوا بأهل السنة والجماعة” اهـ بحروفه.

ولقد تجرأ محمد بن صالح العثيمين على تضليل الإمام النووي والحافظ ابن حجر رحمهما الله تعالى حيث يقول في كتابه لقاء الباب المفتوح ص/42 طبع دار الوطن الرياض: “ليسا من أهل السنة والجماعة”، وذلك تعصبًا منه لرأي ابن تيمية ولكلام محمد بن عبد الوهاب.

بعد هذه الفتاوى الجائرة في تضليل أهل السنة والجماعة واصلحابة حتى وصل بهم الأمر إلى تكفير السيدة حواء فها هي الفتاوى العلمية تصدر عنهم في إباحة دماء المسلمين وتنفذ فيهم الجرائم بالتقتيل والذبح وقطع الرءوس والتمثيل بالجثث والزنى بنسائهم والتهمة على زعمهم أنهم يعتقدون العقيدة الأشعرية، بل زاد ضلالهم بتكفيرهم للمسلمين الذاكرين لله كثيرًا حيث يقول حسام العقاد في كتابه “حلقات ممنوعة” طبع دار الصحابة بطنطا مصر ص/25 يقول: “ومن البدع أيضًا في هذه الحلقات أن يحدد الشيخ أرقامًا ليقولها الذاكر فيقول قل لا إله إلا الله ألف مرة مثلاً أو صلى الله عليه وسلم عشرة ءالاف مرة أو أكثر وكل هذا لم يرد في شرعنا وهو من ابتداع الجاهلين، لقد خرج هؤلاء عن الذكر الشرعي إلى ذكر يشرك بالله تعالى” اهـ.

أنظر إلى قوله: “في شرعنا” لأن الوهابية جاءت بدين جديد، وإلى قوله: “ذكر يشرك بالله تعالى” وهل الصلاة على النبي والإكثار منها يعتبر عندكم يا وهابية إشراكًا؟!!

وهب قول لا إله إلا الله يعتبر شركًا يا كفرة؟!! لعنة الله على الوهابية؟

فمن اعتبر الإكثار من الصلاة على النبي والتهليل بعدد محدود شركًا بالله لا يتورع عن تحريم ومنع الناس من قول أستغفر الله حيث اعتبر القطبية –جماعة سيد قطب- أن قول أستغفر الله هو كلام أقل ما يقال فيه إنه المكاء والتصدية راجع مجلة الأمان العدد 70 سنة 1980 ص/20، وانظروا إلى قول ناصر الدين الألباني هذا الوهابي العنيد في كتابه “تحذير الساجد” ص/69 حيث يعتبر وجود محراب صغير أسفل حائط القبر الشمالي ظاهرة وثنية ويأسف لوجوده وبقائه ووجود القبة الخضراء فوقه.

وليس الوهابية فقط من تجرأ على تكفير المسلمين بل حزب الإخوان إخوان لهم جماعة سيد قطب كفروا المسلمين قاطبة حتى وصل بهم الأمر إلى تكفير معاوية وعموم بني أمية الذين منهم الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه ففي كتاب سيد قطب المسمى العدالة الاجتماعية في الإسلام طبع دار الكتاب العربي مصر ص/174 يقول سيد قطب: “فلا يأخذ أحد الإسلام بمعاوية أو بني أمية فهو منه ومنهم بريء”، ولم يكتف سيد قطب بتكفير معاوية وبني أمية بل تعدى الحدود وزاد في الشذوذ إلى تكفيره الأمة قاطبة الأحياء والأموات بل كفّر البشرية بأسرها حيث يقول في كتابه في ظلال القرءان المجلد الثاني الجزء السابع ص/1057: “فقد ارتدت البشرية إلى عبادة العباد وجور الأديان ونكصت عن لا إله إلا الله وإن ظل فريق منهم يردد على المآذن كلمات لا إله إلا الله دون أن يدرك مدلولها”.

وقد تجرأ أحد الوهابيين على تكفير الصحابي الجليل أبي أيوب الأنصاري لأنه وضع وجهه على قبر النبي شوقًا لرسول الله وهو مدرس في مدرسة الليث بن سعد في الأردن فتصدى له أحد الأشاعرة منكرًا عليه كيف يكفّر هذا الصحابي الجليل فقال الوهابي: وإن كان محمد بن عبد الله [يقصد النبي صلى الله عليه وسلم] فعل ذلك فقد فعل شركًا، والعياذ بالله.

وقد طبعت الوهابية كتابًا حشوه افتراءً على أهل السنة وضمنوه تكفير أهل أبي ظبي ودبي وقالوا عنهم بأنهم ظلمة فسقة وأنهم كلاب جهنم. راجع كتابهم المسمى إجماع أهل السنة النبوية على تكفير المعطلة الجهمية –جمع وتخريج عبد العزيز بن عبد الله الزير ءال حمد طبع دار العاصمة- الرياض 1415 هجرية- الطبعة الأولى [ص/51-101-102-124-125].

وانظر تكفيرهم لأهل السنة والجماعة في مقدمة كتابهم المسمى كتاب التوحيد لابن خزيمة الجزء الأول –مكتبة الرشد- الرياض. وهذه المقجمة للكتاب بقلم صالح بن فوزان الفوزان حيث يقول عن الأشاعرة والماتريدية: إنهم تلاميذ الجهمية والمعتزلة وأفراخ المعطلة.

وفي كتابهم المسمى فتح المجيد شرح كتاب التوحيد وهو شرح لكتاب محمد بن عبد الوهاب والشارح هو حفيده وعلى عقيدته واسمه عبد الرحمن بن حسن ءال الشيخ –راجعه وصححه على زعمهم عبد العزيز بن باز كبيرهم اليوم- طبعة دار الندوة الجديدة- بيروت لبنان [ص/353] حيث جاء فيه: إن كثيرًا من أهل السنة والجماعة كفروا الأشاعرة. والعياذ بالله من هذا الكذب المفترى وهل مجموع أهل السنة والجماعة إلا الأشاعرة والماتريدية؟!!

وفي مجلة فرخهم في لبنان حسن قاطرجي المتخرج من مدرسة الوهابية المسماة “منبر الداعيات” العدد 27/ربيع الأول 1418 –تموز 1997 [ص/5] حيث اتبعوا في تكفير أهل السنة والجماعة أسيادهم الوهابية والقطبية بقولهم: واثنتان وعشرون دولة عربية بكل ما تملك من جنود وعتاد لا تشكل خطرًا على أمن الدولة العبرية، أدركنا بكل بساطة أن هذه الدول لا إيمان عندها؟!

أين أهل الإيمان إذًا يا وهابية إن كان أهل البلاد العربية ليسوا بمؤمنين عندكم؟!!

ومما يزيدك أيضًا بيانًا على أنهم يعاملون الأشاعرة والماتريدية على أنهم كفار حلال المال والدم والعِرض ما رواه وذكره عنهم تفصيلاً ومؤرخًا مفتي مكة المكرمة السيد أحمد بن زيني دحلان في كتابه أمراء البلد الحرام [ص/297] تحت عنوان: ذكر قصة أهل الطائف وما وقع لهم من الوهابية.

حيث يذكر ما فعله الوهابية لما هجموا على أهل الطائف وقتلوا الناس قتلاً عامًا واستوعبوا الكبير والصغير وذبحوا على صدر الأم الطفل الرضيع وقتلوا من وجدوه متواريًا في البيوت وخرجوا إلى الحوانيت والمساجد فقتلوا من فيها ولو كان راكعًا أو ساجدًا. وأنهم نهبوا أموالهم حتى صارت الأموال في مخيمهم كأمثال الجبال حتى الكتب الدينية والمصاحف ونسخ البخاري ومسلم وكتب الفقه وبقية العلوم لم تسلم من حقدهم فنشروها في الطرقات والأزقة ومكثوا أيامًا يطؤونها بأرجلهم وخربوا البيوت فلم تسلم منهم حتى بيوت الخلاء. ثم اقتسموا تلك الأموال كما تقسم غنائم الكفار. انتهى.

ومما يدل على اعتقادهم بأنهم وحدهم المسلمون على زعمهم وأن أهل السنة عندهم كافرون ما ذكره مفتي مكة السيد أحمد بن زيني دحلان في كتابه فتنة الوهابية طبع مطبعة حسين حلمي استانبولي استانبوا –تركيا سنة 1978 [ص/13] من قوله بأن الوهابية لما دخلوا مكة المكرمة وتملكوا المدينة المنورة بقوة السلاح [صاروا يكرهون الناس على الدخول في دينهم] وهذا صريح في أنهم لا يعتبرون أهل السنة ولو كانوا أهل الحرمين والمدينة وأهل الطائف إلا كفارًا والعياذ بالله من فتنة الوهابيين الذين اتبعوا في هذا زعيمهم محمد بن عبد الوهاب الذي كما يذكر مفتي مكة في كتابه هذا وعمه أن مراده بهذا المذهب الذي ابتدعه إخلاص التوحيد والتبري من الشرك وأن الناس كانوا على شرك منذ ستمائة سنة وأنه جدد للناس دينهم.

وما هذا إلا دليل على ما يعتقدونه من النقصان في دين سيدنا محمد ويزعمون أنهم جاءوا لإكماله وفي هذا تكفير لسيدنا محمد وصحابته وسلف الأمة وخلفها وتكذيب للقرءان وللسنة الثابتة فاعرفوا حقيقة الوهابية يا أهل الحق وأنهم شرذمة تخدم مآرب اليهود بنشر الفتن والشقاق بين المسلمين أينما حلُّوا. ويحرم ولا يجوز تسميتهم بالسلفية لمن عرف حقيقتهم وهذا الاسم استعملوه ستارًا لهم ودخلوا به إلى كثير من البلاد وخدعوا الناس ليخرجوهم من الهدى إلى الضلال ومن نور التوحيد إلى ظلمة الإشراك والتشبيه. حتى صار كثير ممن يدعون الدعوة والإرشاد والتعليم من هؤلاء الوهابية الذين عاثوا في الأرض فسادًا وما يحصل اليوم في بلاد المسلمين من قلاقل وفتن وإراقة للدماء في مصر والجزائر واليمن وأفغانستان والشيشان وغيرها من بلاد المسلمين إن هو إلا تطبيق لمنهج التكفير لأهل السنة الذي هم عليه حتى وصل بهم الأمر إلى ذبح 52 مسلمًا سنيًّا بالسكاكين لا لشيء إلا لتبنيهم العقيدة الأشعرية، راجع صحيفة الحياة فهم لا يتورعون عن قتل مخالفيهم وتكفيرهم حتى ولو كان رجلاً أعمى صلى على النبي محمد بعد الأذان فإنه يقتل بفتوى من محمد بن عبد الوهاب كما ذكر مفتى مكة في أواخر كتابه فتنة الوهابية.

وأما إن أردت أن تعرف حقيقة محمد بن عبد الوهاب وجماعته الوهابية فخذها من كلام أبيه وأخيه وأهل بلده والمعاصرين له من علماء أهل السنة والجماعة.

ففي كتاب السحب الوابلة على ضرائح الحنابلة للعلامة محمد بن عبد الله بن حميد النجدي الحنبلي المتوفى سنة 1295 للهجرة –الطبعة الأولى- مكتبة الإمام أحمد [ص/275-276] حيث يقول في ترجمة والد محمد بن عبد الوهاب: عبد الوهاب بن سليمان التميمي النجدي وهو والد محمد صاحب الدعوة التي انتشر شررها في الآفاق لكن بينهما تباين مع أن محمدًا لم يتظاهر بالدعوة إلا بعد موت والده وأخبرني بعض من لقيه عن بعض أهل العلم عمّن عاصر الشيخ عبد الوهاب هذا أنه كان غاضبًا على ولده محمد لكونه لم يرض أن يشتغل بالفقه كأسلافه وأهل جهته ويتفرس فيه أنه يحدث منه أمر فكان يقول للناس: يا ما ترون من محمدٍ من الشر فقدّر الله أن صار ما صار وكذلك ابنه سليمان أخو محمد كان منافيًا له في دعوته ورد عليه ردًا جيدًا بالآيات والآثار وسمى الشيخ سليمان رده عليه فصل الخطاب في الرد على محمد بن عبد الوهاب وسلمه الله من شره ومكره مع تلك الصولة الهائلة التي أرعبت الأباعد فإنه كان إذا باينه أحد ورد عليه ولم يقدر على قتله مجاهرة يرسل إليه من يغتاله في فراشه أو في السوق ليلاً لقوله بتكفير من خالفه واستحلال قتله”.

ففي هذا بيان لما كان عليه محمد بن عبد الوهاب وجماعته من التكفير بغير سبب واستحلال القتل بلا عذر سوى المجاهرة بالرد عليه حتى وصل به الأمر إلى أنه أمر بقتل أخيه الشيخ سليمان وأرسل له مجنونًا بسيف ليقتله. ثم سلمه الله وترك نجد إلى المدينة المنورة وألف في الرد عليه أكثر من كتاب ورسالة منها الصواعق الإلهية في الرد على الوهابية وهو كتاب مطبوع بموجب موافقة وزارة الأعلام في الجمهورية العربية السورية سنة 1997 توزيع مكتبة حراء. حيث يبين فيه الشيخ سليمان بن عبد الوهاب رحمهما الله تعالى شدة التحامل على المسلمين التي عند أخيه محمد بن عبد الوهاب وتكفيره لهم ورميهم بالشرك. فيقول [ص/17] ردًَّا عليهم: ولكنكم أخذتم هذا بمفاهيمكم وفارقتم الإجماع وكفّرتم أمة محمد صلى الله عليه وسلم كلهم.

ويقول [ص/42] مخاطبًا الوهابية أتباع أخيه المارق: بل والله كفرتم من قال الحق الصرف حيث خالف أهواءكم.

وفي [ص/54] ينصحهم بقول: فيا عباد الله تنبهوا وارجعوا إلى الحق وامشوا حيث مشى السلف الصالح وقفوا حيث وقفوا لا يستفزكم الشيطان ويزيّن لكم تكفير أهل الإسلام وتجعلون ميزان كفر الناس مخالفتكم وميزان الإسلام موافقتكم.

وهذه العبارة صريحة في بيان مذهب الوهابية حينما يطلقون التكفير على كل من خالفهم ويسعون لقتله وذلك تنفيذًا للأوامر التي تلقاها محمد بن عبد الوهاب ربيب الاستعمار المحتل لبلاد المسلمين وتلميذ الجاسوس البريطاني همفر الذي لقنه ودربه ولم يجد مطية يركبها أسهل من محمد بن عبد الوهاب كما اعترف في كتابه المسمى مذكرات مستر همفر الجاسوس البريطاني في البلاد الإسلامية.

فإنه يذكر في [ص/77] أن أول بند من بنود العمالة والاتفاقية التي حصلت بينه وبين محمد بن عبد الوهاب هو: تكفير كل المسلمين وإباحة قتلهم وسلب أموالهم وهتك أعراضهم وبيعهم في أسواق النخاسة.

ثانيًا: هدم الكعبة باسم أنها ءاثار وثنية.

ثالثًا: السعي لخلع طاعة الخليفة ومحاربة أشراف الحجاز.

رابعًا: هدم القباب والأضرحة والأماكن المقدسة عند المسلمين في مكة والمدينة وسائر البلاد التي يمكنه ذلك فيها باسم أنها وثنية وشرك والاستهانة بشخصية النبي محمد وخلفائه ورجال الإسلام.

خامسًا: نشر الفوضى والإرهاب في البلاد.

 هذا ما سعت إليه وزارة المستعمرات البريطانية عبر الجاسوس همفر ليتم تنفيذه على يد محمد بن عبد الوهاب وجماعته أصحاب الغلظة والعمالة وحق عليهم أن يصفهم العلامة ابن عابدين بالخوارج حينما يقول تحت عنوان: “مطلب في أتباع محمد بن عبد الوهاب الخوارج في زماننا”.

ثم يقول: “كما وقع في زماننا في أتباع ابن عبد الوهاب الذين خرجوا من نجد وتغلبوا على الحرمين وكانوا ينتحلون مذهب الحنابلة لكنهم اعتقجوا أنهم هم المسلمون وأن من خالف اعتقادهم مشركون واستباحوا بذلك قتل أهل السنة وقتل علمائهم حتى كسر الله تعالى شوكتهم وخرب بلادهم وظفر بهم عساكر المسلمين عام ثلاث وثلاثين ومائتين وألف”. راجع كتابه رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير الأبصار المجلد الرابع [ص/262] طبع دار الفكر-لبنان 1992.

وهذا ما أكده الشيخ سليمان أخو محمد بن عبد الوهاب في رده عليه في كتابه الصواعق الإلهية في الرد على الوهابية.

حيث قال مخاطبًا لهم وناصحًا وزاجرًا: “أما في هذا عبرة لكم تكفّرون عوام المسلمين وتستبيحون دماءهم وأموالهم وتجعلون بلادهم بلاد حرب”.

فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وإياه نسأل أن ينصر المسلمين على هذه الطائفة الشاذة ليستأصلوا شوكتهم ويُطفئوا نار حقدهم على المسلمين ويبددوا ظلام فتنتهم السوداء كما شتت اليهود من قبل إنه على ذلك قدير. ءامين.

ملاحظة: إن مما يؤكد لك أن الوهابية تسعى لنشر الفوضى وإشاعة القتل والرعب في بلاد المسلمين وبين الناس ما نشرته الصحف اليومية والمجلات وتناقلته وسائل الإعلام المختلفة من قيامهم باغتيال مفتي بلاد داغستان سعيد محمد أبو بكروف وأخيه رحمهما الله تعالى، بانفجار عبوة ناسفة لحظة ركوبهما السيارة لأنه كان شديد العداء لهم ووصفهم بالمخربين يراجع في ذلك جريدة الديار والحياة والنهار والسفير بتاريخ 22/8/98 ولو أردنا تتبع جرائمهم عبر السنين لطالت أخبارهم ولجاءت في مجلدات كثيرة وإن الوهابية هي اليد الأثيمة السوداء التي تمزق في بلاد المسلمين وتشيع الفوضى والخراب وتشتري كثيرًا من ضعفاء النفوس لتفتنهم عن دينهم واستمالتهم إليهم بالمال لأن دين الوهابية قائم اليوم على المال وهو منقطع عند محمد بن عبد الوهاب وابن تيمية الحراني وإبليس وفرعون.

البوطي يرى أن الذي لا يذعن بعد لأحكام الإسلام وشرائعه لا يلاحق قضائيًا بفروع الأحكام

يقول البوطي في كتابه “المرأة بين طغيان النظام الغربي ولطائف التشريع الرباني” [ص/62]: “غير أن الذي يشكل على هذا، أن في التكاليف السلوكية الإسلامية ما قد أنيطت به عقوبات عاجلة ومن شأن ذلك أن يفقد حرية التصرف حياله ولا يمكنه من القدرة على اتخاذ القرار الذي يريد. مثال ذلك القتل الذي يستوجب القصاص، والزنى الذي يستوجب حد الرجم أو الجلد والسرقة التي يترتب عليها قطع اليد والقذف الذي يستلزم الحد… إلخ.

والجواب أن عقوبات هذه المحرمات وأمثالها لا تتقرر إلا بعد أن يذعن مرتكبها لأحكام الشريعة الإسلامية ولا يكون ذلك بالضرورة إلا بعد إذعانه لحقائق الإيمان وأركانه. فأما الذي لم يذعن بعد لأحكام الإسلام وشرائعه فلا يلاحق قضائيًا –أي في دار الدنيا- بفروح الأحكام أي بالمستلزمات السلوكية للأصول الاعتقادية” انتهى كلام البوطي.

الرد: لقد كان أهل التصوف في الماضي يقولون للمريد “خل نفسك وتعال” وأما لسان حال كثير من المشايخ كأمثال البوطي يقول للمريد “خلِ عقلك وتعال” وإلا لو لم يكن هذا الحال فما معنى أن يترك في التمادي في محاضراته وكتبه ويسكت عليه، والحق يقال إنني أعلم أن كثيرًا من مشايخ الشام وحلب وغيرهم لم يسكتوا له بل حذروا من أغاليطه وأراجيفه من على المنابر جزاهم الله خيرًا.

أقول: كيف لا يلاحق الشخص قضائيًا إذا لم يذعن بعد لأحكام الإسلام وشرائعه.

فلنتصور الآن في بلد ما أن أشخاصًا قاموا وقالوا نحن لن ننساق إلى القانون لأننا لا نعتقد صوابيته أو نعتقده جائزًا، وأننا لن ندفع الضرائب ولن نتوقف عند إشارات السير ولن نذهب إلى التجنيد ولن ولن…

فأنت بقطعِ النظر إن كنت مع القانون أو ضده فهل تجيز أن يقوم أناس ضد الدولة فماذا سيكون موقف الدولة فهل ستسامحهم لأنهم لا يرون ولا يعتقدون ذلك.

أنت يا دكتور تشجع على مظاهر الفوضى وأنت توافق من حيق تشعر أو لا تشعر على مبدإ التكفير والهجرة الذي قام به أحد أجنحة ما يسمى بالإخوان المسلمين في مصر حيث كفروا المجتمع والدولة والحاكم والمحكوم، واعتبروا كل ما يصدر عن الدولة جور، وقاطعوا الدولة ومؤسساتها بكل أشكالها حتى إنهم حرموا دخول الأولاد إلى المدارس الحكومية.

هذا مثال ضربته على دولة القانون والآن أريد أن أضرب مثالاً على دولة الدين كالخلافة مثلاً.

ففي الماضي كان الإنسان بحسب مفاهيم الدولة في رعاياها وخارج رعاياها لا يخرج الإنسان عن كونه إما مسلم أو غير مسلم.

أما المسلم فهو ملتزم التزامًا تامًّا بحسب قناعته واعتقاده بكل ما يصدر عن الإسلام وإلا فإن ءامن بجزء وكفر بجزء فهذا ليس بمسلم، وأما غير المسلم فهو إما أن يكون معاهدًا أو ذميًّا أو مستأمنًا أو حربيًا أو مرتدًا.

أما المعاهد فهو الذي يوجد بينه وبين المسلمين عهود ومواثيق لا يجوز الإخلال بها.

وأما المستأمن فهو الذي أعطي الأمان.

وأما الذمي فهو الذي يعيش في كنف المسلمين وتحت حمايتهم ضمن الشروط المعتبرة في هذا الباب.

وهؤلاء الثلاثة أموالهم ودماؤهم وأعراضهم مصانة بحسب الأحكام الشرعية لهذا الموضوع.

وهؤلاء الأقسام الثلاثة لا يسمح لهم أن يهددوا أمن الدولة التي يعيشون في ظلها بحجة أنهم لا يعتقدون الحكم الفلاني أو لا يؤمنون بصوابيته. وأما المرتد: ألم تقل أنت إن المرتد إن أعلن الحرابة على المجتمع الإسلامي يقتل، وأي حرابة أكثر من أن يتعرض الشخص للأحكام الإسلامية ويرفضها “راجع هذا البحث في هذا الكتاب لمزيد من التفاصيل” فلنا رد على البوطي في هذا الموضوع.

وأما الحربي فهو في دولة أخرى لا تخضع لأحكام الإسلام والمسلمين.

وأما الآن فليقل لنا البوطي من هو الذي يستطيع أن يقتل ويزني ويقذف أعراض الناس ويسرق ثم بعد ذلك يقال له أنت لا تلاحق لأنك لا تذعن لأحكام الشريعة الإسلامية.

فلا أدري كيف ساغ لهذا الرجل التجرؤ على الشرع وأحكامه.

البوطي يأمر بمزاولة السحر

ورد في مجلة طبيبك عدد تموز 1998 هذا السؤال من القارئ ر.س. [سوريا]: “بينما كنت أبحث في يوم من الأيام بصندوق جدي المرحوم وأتأمل موجوداته القديمة عثرت على كتاب قديم اصفرت أوراقه وفيما أنا أتصحفه بحذر شديد مخافة أن تتمزق أوراقه إذ بي أقرأ فيه العجب العُجاب من تعاويذ السحر وما لفت نظري وصفة إذا قرئت عددًا من المرات تظهر جنية فائقة الحسن والجمال ومعها 40 وصيفة. وبدأت تلك الليلة أردد ما ورد في الوصفة وأشعلت البخور حتى ظهرت علي الجنية تمامًا وحولها وصيفاتها الجميلات فكان ما كان بيني وبينهن والمشكلة أن الجنية اشترطت علي قبل أن أمسها أن لا أقرب فتاة من فتيات الإنس ما حييت فوافقتها على ذلك. أنا الآن أعض أصابعي ندمًا لأنني نكثت بالوعد حسبما أبلغتني الجنية فقد أُصاب بالأمراض والعاهات والمنكبات التي لا تخطر على بال. أنا حاليًّا أرغب بالزواج من فتاة جميلة فهل من طريقة أتجنب فيها تلك الجنية”. انتهى السؤال.

فأجاب البوطي: “أعتقد أنك لست بحاجة بعد كل هذه المتعة التي تحققت لك إلى الزواج من أي فتاة إنسيّة لقد جاءك الجمال ومعه المتعة  أشكالاً كما تقول دون أن تكلف بتقديم مهر ولا دار ولا شئ في مقابل ذلك كله. ردد طلاسمك كلما هاجت بك النفس واكتفِ بالزواج من جنيتك الجميلة هذه فذلك أمتع لك وأبعد عن مغارم الزواج بالإنسيات هذا إن كنت صادقًا فيما تصف وتخبر وأحسب أن الأمر ليس كذلك” اهـ.

الرد: هذه الإجابة لا تنم عن علم وورع، كيف تقول له ردد طلاسمك حيث من المعلوم أن السحر غالبًا ما يقوم على الكفر والعياذ بالله، فكيف تأمره بترديد العبارات التي يقوم عليها السحر. وقد يكون ظاهر جوابك أنك تزدري بالقارئ الذي ترجح أنه يكذب حتى لو كان الأمر كذلك عليك أن تترفق به وأن تشفق عليه وأن تدله للتي هي أقوم بالبعد عن السحر إن كان اشتغل به أو بالبعد عن الكذب إن كان كاذبًا.

وها أنت إما أن تكون تأمر بالسحر والكفر حقيقة وهذا ضلال وبيل وخطب جليل.

وإما أن تكون غضبت لنفسك ولم تغضب لله مع العلم أنك قلت الغضب لله بحسب زعمك لا يكون إلا على الشفقة على العاصي والكافر فمع اعتراضنا على هذا التعريف فهل غضبت لله مشفقًا على حال هذا الرجل الكاذب أو الساحر.

ثم ألا تعلم يا دكتور أن هذه المجلة يتناولها ءالاف القراء وفيهم المستويات المختلفة، ألست بهذه الإجابة تكون تدعو إلى العمل بالسحر والخزعبلات من حيث تدري أو لا تدري.

ومما يدل على أنك فتحت هذا الباب ما جاء في مجلة طبيبك عدد [485] أيلول 1998 –أي عقب مقالتك السابقة في المجلة المذكورة- [ص/79] ما نصه: “إلى الرجل الذي قال إنه تزوج جنية ويريد الزواج من فتاة عادية، يطلب منه أبو علي راتب المصري [لبنانب الجنسية] الاتصال به على رقم الهاتف 03/687483 لأمر خاص لم يفصح عنه”، فانظر إلى ما أدت إليه فتواك.

البوطي يعطي للملحدين الحق بإلحادهم ويحترم إلحادهم ويعذرهم

يقول البوطي في كتابه “هذه مشكلاتهم” [ص/115]: “إن لهم ولغيرهم أن يصدقوا أو لا يصدقوا شيئًا من أخبار الوحي الإلهي بل لهم أن لا يؤمنوا بحقيقة الوحي ذاته، غير أن عليهم أن يعلموا أن عدم فهمهم أو تصديقهم لذلك ليس هو برهان كونه أسطورة وهمية كاذبة”.

ويقول في [ص/146] في المصدر ذاته: “لو كان الذي كتبه سلمان رشدي وجهة نظر علمية أو فكرية عبّر عنها بما يدل على قناعة داخلية لديه بشأنها لكُنّا أول من يحترم عمله سواء أوافقناه على وجهة نظره أم لا”.

ويقول في [ص/10] من المصدر ذاته: “إن أبرز ما يتميز به مجتمعنا هذا أنه يتقبّل الاصغاء بجد واحترام إلى أي رأي واعتقاد دون أن يشعر صاحبه بأي قلق أو خوف… صحيح أن هذا المجتمع شغوف بالحوار والنقاش ولكن لم يكن يومًا ما من دأبه الصد والإسكات. وهذا لا يتنافى قط مع أصالة إيمانه بالخالق عز وجل وعراقة انتمائه الإسلامي العميق.

ويقول [ص/108] من المصدر نفسه: “بل من حقهم وهم يقفون في هذه المرحلة أن لا يشعروا بأي قدسية للإسلام الذي لم يتبين لهم جوهره بعد ولا لنبيّه الذي لم يقفوا على هويته بعد ولا للقرءان الذي لم يتوفروا على دراسته بعد”.

ويقول [ص/187] من المصدر ذاته حيث يتكلم عن أبي موسى الحريري الذي يقول إن الراهب بحيرة كان وراء النبي عليه الصلاة والسلام وأن القرءان ليس من عند الله. يقول البوطي بعد هذا الكلام: “ولكن أبي موسى عذر”.

ويقول في [ص/190] من المصدر ذاته: “فإن له أن يقول على الواقع وعلى محمد ما يشاء ما دام أن الواقع لا يتزحزح من مكانه ومحمد لا يأبه بكذبه وتدجيله”.

ويقول في “كبرى اليقينيات” [ص/192]: “نعم لك أن تقول إنني لا أضع في حسابي ثبوت هذا النص وأمثاله وإن كان ذلك مكابرة في تكذيب الخبر اليقيني”، ويقول في [ص/230] من المصدر نفسه: “أما إذا كنت لا تؤمن بوجود الله أصلاً فلك الحق كله في أن تنكر المعجزات ولا تتصور وقوعها”.

الرد: أن هذه المنهجية التي ابتدعها البوطي هي منهجية خطيرة تكررت وتقررت في كتبه ومحاضراته.

فقوله: “إن لهم ولغيرهم أن يصدقوا أو لا يصدقوا شيئًا من أخبار الوحي الإلهي” إلخ يعني بقوله: “إن لهم” أي لا ضير عليهم ولا مشلكة تعتريهم البتة، وقوله هذا تهوين للكفر على الواقع فيه، بل وفيه إذن صريح للكافر أن يبقى على حاله لأنه قال لهم ولغيرهم أن يصدقوا أو لا يصدقوا شيئًا من أخبار الوحي الإلهي.

أما مسئلة سلمان رشدي فهي واضحة بيّنة لا يقبل فيها تأويل ولا قصد، ولا أدري من أين أتى بهذا التقسيم في الإلحاد بين من يقول كفرًا عن قناعة وبين من يقوله من غير قناعة. فأين أنت يا محمد سعيد من قوله تعالى: {ولَئِن سألتَهُم لَيَقُولُنَّ إنَّما كُنَّا نخُوضُ ونلعبُ قُلْ أبِاللهِ وءاياتِهِ ورسولهِ كُنتُم تَستَهْزءون* لا تعتذِروا قد كفرتُم بعدَ إيمانِكم} [سورة التوبة/65-66].

فلو أن شخصًا يا دكتور تعرض لك في الطريق وشتمك ثم قال لك أنا لا أشتمك إلا عن قناعة تامة فهل تقول له أنا أحترم كلامك وشتائمك.

ألا تدري ما معنى أحترم في أصل اللغة، أليس معنى الاحترام هو كما قال صاحب المصباح في مادة “حرم”: “والحرمة بالضم ما لا يحل انتهاكه والحرمة المهابة وهذه اسم من الاحترام” اهـ.

قال تعالى: {ومَن يُعَظِّمْ شعائِرَ اللهِ فإنَّها مِن تقوى القلوب} [سورة الحج/32] والاحترام معناه التعظيم في اللغة ويؤخذ من هذه الآية تحريم تعظيم شعائر الكفر.

وقال شارح القاموس وقوله تعالى: {ذلكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُماتِ اللهِ} [سورة الحج/30] قال الزجاج: أي ما وجب القيام به وحرم التفريط فيه.

فأي حرمة لهذا الكلام الذي قاله رشدي سواء خرج عن قناعة أم لا. وهذه العبارة عبارة الاحترام للأعمال الفاسدة ذكرها البوطي للأسف أكثر من عشر مرات في مؤلفاته.

وهنا نريد أن نسأل البوطي هل الجهل عذر، فإن كان هؤلاء لهم الحق بأن لا يعرفوا فإذًا هم بزعمك غير مكلفين وغير محاسبين، ولو كان الأمر كما يقول لسان حالك إن الجهل عذر إذًا فإن الجهل أفضل من العلم على زعمك، فأين أنت حينئذٍ من قول الله تعالى: {قُلْ هل يستوي الذينَ يعلمونَ والذينَ لا يعلمون} [سورة الزمر/9]، وأين أنت من قوله صلى الله عليه وسلم: “أيها الناس تعلموا فإنما العلم بالتعلم” رواه الطبراني [1].

الهوامش:

[1] المعجم الكبير [19/395].

البوطي يأتي باجتهاد مزعوم جديد في مسئلة مغفرة الذنوب

يقول البوطي في كتابه “هذه مشكلاتهم” [ص/162]: “إنه لا يغفر الذنب إلا بشفاعة قُربة جليلة في عين الله تقرب بها هذا المذنب إليه وإن بدت في عينه ضئيلة وحقيرة، ولا يحبط الطاعة إلا بجريرة معصية شنيعة في نظر الله”.

الرد: من المجمع عليه ومن المسلَّمات به أن الذنوب ثلاثة أقسام أكبر الكبائر وهو الكفر ثم سائر الكبائر ثم الصغائر.

ومما لا خلاف فيه أن الكفر لا يغفر إلا بالشهادتين بنية الخلاص من الكفر الذي وقع به.

أما الكبائر والصغائر فالله يغفرها بالتوبة وهي الإقلاع عن الذنب والندم والعزم على عدم العودة. ويغفر الله ما شاء من الذنوب لم شاء من المسلمين إما بحسنة يعملها وإما بدون ذلك.

وقد يغفر الله الكبائر أيضًا ببعض القربات كما صح في الحديث أن الله غفر لامرأة مسلمة من بني إسرائيل وكانت زانية بسبب سقياها لكلب اشتد به العطش ونص الحديث: “بينما كلب يُطيفُ [1] بركيَّةٍ [2] قد كاد يقتله العطش إذ رأته بَغِيٌّ من بغايا بني إسرائيل فنزعت موقها [3] فاستقت له به فسقته فغُفر لها به”، رواه الشيخان [4] واللفظ لمسلم.

ويغفر الله لبعض المؤمنين يوم القيامة بشفاعة نبي أو ولي أو شهيد أو غيرهم ممن يشفعون، وهذه الشفاعة لعصاة المؤمنين ولا تكون للكفار لقوله تعالى: {ولا يَشفعونَ إلا لِمَنِ ارتضى} [سورة الأنبياء/28].

وكذلك الله يغفر لبعض العصاة من غير توبة ولا قربة ولا شفاعة لقوله تعالى: {يغفرُ لمن يشاءُ ويُعذِّبُ مَن يشاء} [سورة الفتح/14].

ومن الثابت الذي لا شك فيه أن المؤمن العاصي إن مات من غير توبة فهو تحت مشيئة الله إن شاء عذبه وإن شاء غفر له.

وأما إن كانت المعصية تتعلق بحقوق العباد فلا بد من التحلل منهم بإعادة الحق أو الاستسماح.

فمن أين أتى البوطي بهذا الادعاء الذي لا أساس له مطلقًا وهو ادعاء يصادم القرءان والسنة والإجماع ويبقى كلامًا بلا دليل.

وأما إحباط العمل فلا يحتاج لبيانه أيضًا إلى مثل هذا اللف والدوران والتَّفَيهقُ والتفلسف حيث من الثابت أن العمل يحبط بالكفر لقوله تعالى: {ومَن يكفرُ بالإيمانِ فقد حَبِطَ عملهُ} [سورة المائدة/5].

فطالما أن النصوص الشرعية واضحة وكلام أهل العلم بيّن كما الشمس في رابعة النهار فلماذا التنطع والتكلف والخلط بعد ذلك.

الهوامش:

[1] يطيف: يدور.

[2] ركيّة: البئر.

[3] المُوق: خف يلبس بالرجل.

[4] أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب أحاديث الأنبياء: باب 54 [بعد باب حديث الغار]، ومسلم في صحيحه: كتاب السلام: باب فضل ساقي البهائم.

البوطي الذي يزايد بدرء المفاسد وسد الذرائع يبيح للمرأة التي تعاني من برودة جنسية أن تشاهد الأفلام الإباحية الجنسية

يقول في مجلة طبيبك عدد حزيران 1998 ردًّا على السؤال التالي من المعذب م م م  م [دمشق]: يقول في رسالته إن زوجته وهي [ابنة عمه] المطيعة له والمحبة والمخلصة باردة جنسيًا وأنه حاول مرارًا تقديم العون لها عند أطباء دون فائدة إلى درجة أنها دعته للزواج من أخرى ولكنه أبى ذلك، أخيرًا اهتدى إلى طريقة وهي إثارة زوجته عن طريق الأفلام الإباحية فتجاوبت مع الأمر إلى حد كبير الأمر الذي نجاه من أمور كثيرة كان يمكن أن يلجأ إليها فهل ما فعله يعد حرامًا”.

يقول البوطي في الجواب:”في الشريعة الإسلامية مبدأ يُعرف بـ”اتباع سلم الأولويات” أي أن الشريعة الإسلامية تصنف المصالح في درجات متفاوتة حسب الأهمية وتصنف المفاسد أيضًا في درجات حسب الأهمية أيضًا، ومن تطبيقات هذا المبدإ ما يتعلق بمشكلتك هذه. إن استمرار الحياة الزوجية على نحو سليم من المصالح التي ترقى إلى درجات الضروريات والابتعاد عن الأفلام المثيرة من المصالح التي تقف عند درجة الحاجيات فإن توقف استمرار الحياة الزوجية بينك وبين زوجتك بوجهها السليم على أن تستثيرها نحوك بالقدر الضروري من هذه الأفلام فإن الشريعة الإسلامية تجيز التضحية بالمصلحة الحاجية في سبيل الإبقاء على المصلحة الضرورية، ولكن فلتعلم أن من شروط ذلك أن لا يتسبب عن هذا الذي تقول أي انحراف منك أو منها إلى أي عمل محرم”.

الرد: يا للخزي كيف يسقط رجل مثل البوطي إلى مثل هذه الهاوية في الانحرافات حيث راح يفتح باب الحرام على مصراعيه هذا الذي لطالما نادى بقاعدة سد الذرائع ودرء المفاسد، ويا للعاء عندما يشترط أن لا يتسبب هذا الأمر بأي انحرافٍ أو أي عملٍ محرم، والعجيب أنه يحرم على المرأة كشف وجهها خوفًا من الفتنة وهنا يبيح للرجل وللمرأة مشاهدة الأفلام الخلاعية التي تصور رجلاً يجامع امرأة وهما في حالة عري تام مع ما يصاحب ذلك من تلذذ واستمتاع، وكأن البوطي أمن الفتنة هنا أما في وجه المرأة فالفتنة غير مأمونة عنده.

فهذا العمل الذي يقوم به هو وزوجته بحضور هذه الأفلام الخلاعية مع الاستمتاع واللذة أليس محرمًا، وأين وجه الضرورة في هذا الموضوع.

فالمرأة لا يخشى عليها من الزنى لأنها باردة جنسيًا كما تقول.

وأما الرجل فقد دعته زوجته لأن يتزوج وهذا باب مفتوح من أجل أن يحصن الشخص نفسه من طريق الحلال وليس من طريق الحرام.

اتقِ الله يا رجل وعد عن مثل هذه الترهات الفاسدة.

البوطي يدعو إلى التشدد والتطرف ويحذر من اتباع الرُّخص الشرعية

يقول في كتابه المسمى “فقه السيرة” [ص/232]: “وبعبارة موجزة نقول إن من شأن اتباع الرخص والتسهيلات الدينية أن تصبح منزلقًا تحت أقدام أصحابها إلى التحلل العام عن أصل الواجبات ما لم يوجد تيار اجتماعي ديني سليم يضبط تلك الرخص ضمن منهجٍ إسلامي عام ويحفظها عن أن تشتط وتتجاوز الحدود الشرعية”.

الرد: قال البوطي هذا الكلام بعد كلامه عن وجه المرأة وبين أن جمهور المسلمين على أن وجه المرأة ليس بعورة، وخلص إلى القول إنه يجب عليها تغطية الوجه درءً للمفاسد وسدًّا للذرائع، ثم دعا هنا إلى عدم تتبع الرخص.

أولاً: لقد رددت ردًّا كافيًا وشافيًا على مزاعمه من حيث مسئلة وجه المرأة فعد إلى ردنا هذا الكتاب.

ثانيًا: إن دعوة البوطي للتشدد في غير موضعه قال تعالى: {وما جعلَ عليكم في الدينِ مِنْ حرَجٍ} [سورة الحج/78].

إن مثل هذا التشدد هو الذي ينفّر الناس عن الالتزام بدين الله تعالى، فمن الناس من يتشددون في مسائل المرأة يزعمون أنه بدافع الحيطة والحذر ولإبعادها عن الفواحش فيتولد عن ذلك ردة فعل عكسية لديها فيدفعها عن غير طريق الاقناع إلى الفواحش دفعًا، ومنهم من يتشدد في إلزام الناس مذهبًا معينًا وهذا أمر غير مستساغ لأن المذاهب المعتبرة عند المسلمين معروفة، فلو اخذ الشخص من عدة مذاهب ولم يلتزم مذهبًا معينًا فهذا سائغ ولا غبار عليه، فبعض الناس يحرمون على الشخص أن يقلد مذهبًا ءاخر وكأنه ياخذ من دين ءاخر، وقد قيل لعمر بن عبد العزيز رضي الله عنه: لمَ لا تحمل الناس على مذهب واحد؟ فقال: دعوهم وما هم عليه.

فإذا بالغت المرأة بالاحتياط والحذر وهي مقتنعة بذلك فهذا أمرٌ محمود لا غبار عليه، وإلا فلا تُكرَه على غير الفرض. وإن التزم شخص مذهبًا معينًا وأخذ بالأحوط فله ذلك شرط أن لا يُمنع من تقليد مذهب ءاخر وهكذا، وقد نص ابن الهمام في كتابه التحرير وهو كتاب في الأصول على أنه لا يمنع من الاخذ بالرخص لا شرعًا ولا عقلاً، كذلك قال ابن أبي هريرة الشافعي وغيرهما.

وأخيرًا:

أختم بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن اللخ يحب أن تُؤتى رُخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه” رواه البيهقي [1]، وقد ثبت في الحديث الذي رواه أبو داود [2] عن عائشة رضي الله عنها: “ما خُير رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا اختار أيسرهما”.

ثم معلوم عند من تلقى العلم من أهل المعرفة أن المجتهدين في الصحابة أقل من عشرة، وقال بعض المحدثين نحو مائتين وأن سائر الصحابة كانوا يأخذون العلم من هؤلاء، ولم يحصل من واحد من مجتهديهم كأبي بكر وعمر وعثكان وعليّ أن قال للمستفتي لا تستفت غيري أو ليس لك أن تأخذ بما رءاه غيري، دلّ على أن مجتهدي الصحابة كانوا يرون جواز تقليد أي مجتهد منهم.

الهوامش:

[1] السنن الكبرى [3/140].

[2] أخرجه أبو داود في سننه: كتاب الأدب: باب في التجاوز في الأمر.