البوطي يزعم أن النبي ظن أن جبريل جني في غار حراء – الرد على من زعم أن النبي شك هل الذي ظهر له شيطان أو ملك

  1. البوطي يزعم أن النبي ظن أن جبريل جني في غار حراء
  2. الرد على من زعم أن النبي شك: هل الذي ظهر له شيطان أو ملك

البوطي يزعم أن النبي ظن أن جبريل جني في غار حراء

يقول البوطي في كتاب “من روائع القرءان” [ص/28]: “ولقد فوجئ عليه الصلاة والسلام بالملك يخاطبه ويكلمه، ولقد ارتجف خوفًا منه وذهب في محاولة معرفته كل مذهب حتى ظن أنه قد يكون من الجان” اهـ.

الرد: ما كفى البوطي ما قاله في الإساءة لشرع الله غير مرة بادعاء الاجتهاد، ومرة بتفسير النصوص بطريقة مزاجية، وها هو يدعي الآن دعوى جديدة، وإننا نحن نتحداه أن يثبت نصًّا في أن النبي ظن أن جبريل حين جاءه في الغار جني، ولا ندري من أين أتى بمثل هذا الافتراء على رسول الله صلى الله عليه وسلم، والأرجح أنه قاله من حديث لا أصل له وهو ما رواه أبو داود الطيالسي [1] من طريق أبي عمران الجوني عن رجل عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتكف هو وخديجة شهرًا بحراء فوافق ذلك رمضان فخرج رسول الله وسمع السلام عليكم قال: فظن أنه فجأةُ الجن فقال: أبشروا فإن السلام خير…” الحديث، وفيه: “قال : فكلمني حتى أنستُ به” وهذا فيه غضٌّ من قدر الرسول وفيه ركاكة والركاكة من دلائل وضع الحديث.

ولا يقال إن هذا من باب فضائل الأعمال يُروى ويُعمل به بالضعيف لأن هذا ليس فيه نسبة فضيلة للرسول يل هذا خلاف تعظيم الرسول، أما إن قال هذا معتقدًا أن الرسول اعتقد أنه أوحي إليه أنه نبي ثم اعتقد أن ما فاجئه هو جني فهو تشكيك في الوحي وفتح باب للطاعنبن في الإسلام، فمن ظن برسول الله صلى الله عليه وسلم أنه بعد أن أوحي إليه بأنه نبي حصل له شك في المَلك الذي جاءه أنه جني فهو طعن في الرسول صريح. ولا حجة لهذا التخيل الباطل فيما رواه البخاري عن عائشة من طريق الزهري من بلاغته فإن بعض الناس يفهمه فهمًا خاطئًا والحديث رواه البخاري في صحيحه ونصه [2]: “حدثنا يحيى بن بكير، حدثنا الليث، عن عقيل، عن ابن شهاب، وحدثني عبد الله بن محمد، حدثنا عبد الرزاق، حدثنا معمر قال الزهري: فأخبرني عروة، عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصادقة في النوم فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح، فكان يأتي حراء فيتحنَّث فيه –وهو التعبد- الليالي ذوات العدد ويتزوّد لذلك ثم يرجع إلى خديجة فتزوّده لمثلها حتى فجئه الحق وهو في غار حراء، فجاء الملك فيه فقال: اقرأ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: فقلت: ما أنا بقارئ، فأخذني فغطّني حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال: اقرأ، فقلت: ما أنا بقارئ، فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال اقرأ، فقلت: ما أنا بقارئ فغطني الثالثة حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني فقال: {اقرأ باسمِ ربِّكَ الذي خلقَ} [سورة العلق] حتى بلغ: {ما لمْ يَعلم}، فرجع بها ترجف بوادره حتى دخل على خديجة فقال: زمّلوني زملوني، فزمّلوه حتى ذهب عنه الرَّوع، فقال: يا خديجة ما لي، وأخبرها الخبر، وقال: قد خشيت على نفسي، فقالت له: كلا أبشر فوالله لا يُخزيك الله أبدًا، إنك لتصل الرحم وتصدق الحديث وتحمِل الكلّ وتَقري الضيف وتعين على نوائب الحق. ثم انطلقت به خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل أسد بن عبد العُزى بن قصي وهو ابن عم خديجة أخو أبيها، وكان أمرًأ تنصَّر في الجاهلية وكان يكتب الكتاب العربي، فيكتب بالعربية من الإنجيل ما شاء الله أن يكتب، وكان شيخًا كبيرًا قد عمي، فقالت له خديجة: أي ابن عم، اسمع من ابن أخيك، فقال ورقة: ابن أخي ماذا ترى؟ فأخبره النبي صلى الله عليه وسلم ما رأى، فقال ورقة: هذا الناموس الذي أنزل على موسى، يا ليتني فيها جَذَعًا أكون حيًّا حين يخرجك قومك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أو مخرجيَّ هم؟ فقال ورقة: نعم، لم يأت رجل قط بما جئت به إلا عودي، وإن يدركني يومُك أنصرك نصرًا مؤزرًا”. ثم لم ينشب ورقة أن توفي وفتر الوحي فترة حتى حزن النبي صلى الله عليه وسلم فيما بلغنا حزنًا غدا منه مرارًا كي يتردَّى من رءوس شواهق الجبال، فكلما أوفى بذروة جبل لكي يلقي منه نفسه تبدَّى له جبريل فقال: يا محمد إنك رسول الله حقًّا فيسكن لذلك جأشه وتقرُّ نفسه فيرجع، فإذا طالت عليه فترة الوحي غدا لمثل ذلك، فإذا أوفى بذروة جبل تبدّى له جبريل فقال له مثل ذلك. قال ابن عباس: فالق الإصباح: ضوء الشمس بالنهار، وضوء القمر بالليل.

الهوامش:

[1] المسند لأبي داود الطيالسي [ص/215]، والمطالب العالية [4/188].

[2] أخرجه البخاري في صحيحه: أول كتاب التعبير.

الرد على من زعم أن النبي شك: هل الذي ظهر له شيطان أو ملك

جاء في سيرة ابن اسحاق ما نصه : “وحدثني إسماعيل بن أبي حكيم مولى آل الزبير أنه حُدث عن خديجة رضي الله عنها أنها قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أي ابن عم أتستطيع أن تخبرني بصاحبك هذا الذي يأتيك إذا جاءك ؟ قال نعم . قالت فإذا جاءك فأخبرني به . فجاءه جبريل عليه السلام كما كان يصنع فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لخديجة يا خديجة هذا جبريل قد جاءني، قالت قم يا ابن عم فاجلس على فخذي اليسرى، قال فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلس عليها ، قالت هل تراه ؟ قال: نعم قالت فتحول فاجلس على فخذي اليمنى، قالت فتحول رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلس على فخذها اليمنى، فقالت هل تراه ؟ قال نعم . قالت فتحول فاجلس في حجري، قالت فتحول رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلس في حجرها . قالت هل تراه ؟ قال: نعم قال فتحسرت وألقت خمارها ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس في حجرها، ثم قالت له هل تراه ؟ قال لا ، قالت يا ابن عم اثبت وأبشر فوالله إنه لملك وما هذا بشيطان”. انتهى

وقد احتج بعض الملاحدة بهذا الأثر وزعموا أن خديجة لما قالت لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم: “انه لملك وما هذا بشيطان”، دل كلامها على أنه كان يعتقد أن الشيطان هو الذي يظهر له وليس جبريل، وقالوا: “لو كان محمد يعتقد أن جبريل هو الذي يظهر له ، لقالت زوجته مثلاً إنك على حق، انه جبريل ، لكنها نفت صفة الشيطان دون ذكر جبريل ، أي أن ذكر اسم جبريل مقحم على الرواية الأصلية “. و قالوا أيضا كيف يطلب النبي من خديجة أن تتأكد له من الوحي بجلوسه على فخذها؟

والجواب على هذه الشبهة من وجهين:

الوجه الأول أن يقال: لم يرد في هذه القصة أن النبي عليه الصلاة والسلام لم يعرف الوحي الذي أنزل عليه، وكل ما في الرواية أن خديجة رضي الله عنها هي التي طلبت التأكد وليس النبي عليه السلام.

و قد أجاب البيهقي على هذه الفرية فقال في دلائل النبوة: “وهذا شيء كانت خديجة رضي الله عنها تصنعه تستثبت به الأمر احتياطا لدينها وتصديقها، فأما النبي صلى الله عليه وسلم فقد كان قد وثق بما قال له جبريل وأراه من الآيات التي ذكرناها مرة بعد أخرى، وما كان من تسليم الشجر والحجر عليه، وما كان من إجابة الشجر لدعائه وذلك بعدما كذبه قومه وشكاهم إلى جبريل عليه السلام فأراد أن يطيب قلبه”. اهـ.

وما يفسر أيضا قول السيدة خديجة ” وما هذا بشيطان” ما ذكره ابن دحية أنه: ” لما أخبرها بجبريل ولم تكن سمعت به قط، كتبت إلى بحيرا الراهب فسألته عن جبريل، فقال لها: قدوس قدوس يا سيدة نساء قريش، أنى لك بهذا الاسم؟ فقالت: بعلي وابن عمي أخبرني بأنه يأتيه، فقال: إنه السفير بين الله وبين أنبيائه، وإن الشيطان لا يجترىء أن يتمثل به، ولا أن يتسمى باسمه”. انتهى ونقله عنه علي

بن برهان الدين الحلبي في سيرته.

وجاء في الروض الأنف للسهيلي ما نصه: “وَخَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ تُسَمّى: الطّاهِرَةَ فِي الْجَاهِلِيّةِ وَالْإِسْلَامِ وَفِي سِيَرِ التّيْمِيّ. أَنّهَا كَانَتْ تُسَمّى: سَيّدَةَ نِسَاءِ قُرَيْشٍ، وَأَنّ النّبِيّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – حِينَ أَخْبَرَهَا عَنْ جِبْرِيلَ وَلَمْ تَكُنْ سَمِعَتْ بِاسْمِهِ قَطّ، رَكِبَتْ إلَى بَحِيرَى الرّاهِبِ، وَاسْمُهُ سَرْجِسُ فِيمَا ذَكَرَ الْمَسْعُودِيّ، فَسَأَلَتْهُ عَنْ جِبْرِيلَ فَقَالَ قُدّوسٌ قُدّوسٌ يَا سَيّدَةَ نِسَاءِ قُرَيْشٍ أَنّى لَك بِهَذَا الِاسْمِ؟ فَقَالَتْ بَعْلِي وَابْنُ عَمّي مُحَمّدٌ أَخْبَرَنِي أَنّهُ يَأْتِيه، فَقَالَ قُدّوسٌ قُدّوسٌ مَا عَلِمَ بِهِ إلّا نَبِيّ مُقَرّبٌ فَإِنّهُ السّفِيرُ بَيْنَ اللهِ وَبَيْنَ أَنْبِيَائِهِ وَإِنّ الشّيْطَانَ لَا يَجْتَرِئُ أَنْ يَتَمَثّلَ بِهِ وَلَا أَنْ يَتَسَمّى بِاسْمِهِ وَكَانَ بِمَكّةَ غُلَامٌ لِعُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَة سَيَأْتِي ذِكْرُهُ اسْمُهُ عَدّاسٌ عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنْ الْكِتَابِ فَأَرْسَلَتْ إلَيْهِ تَسْأَلُهُ عَنْ جِبْرِيلَ فَقَالَ قُدّوسٌ قُدّوسٌ أَنّى لِهَذِهِ الْبِلَادِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا جِبْرِيلُ يَا سَيّدَةَ نِسَاءِ قُرَيْشٍ، فَأَخْبَرَتْهُ بِمَا يَقُولُ النّبِيّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – فَقَالَ عَدّاسٌ مِثْلَ مَقَالَةِ الرّاهِبِ فَكَانَ مِمّا زَادَهَا اللهُ تَعَالَى بِهِ إيمَانًا وَيَقِينًا”. انتهى

فعلم أن قولها “ما هذا بشيطان هو تأكيد لكلام الراهب بحيرى و الراهب عداس”

ويقال لهؤلاء الملاحدة أيضا: إن كنتم اعتمدتم على هذه الرواية التي وردت في السيرة وقلتم أن النبي لم يفرق بين الملك والشيطان فلماذا أعرضتم عن الروايات الأخرى التي تذكر أنه كان قد التقى باسرافيل قبل جبريل؟ فقد قال ابن كثير في البداية و النهاية: “قال الامام أحمد: حدثنا محمد بن أبي عدي، عن داود بن أبي هند، عن عامر الشعبي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نزلت عليه النبوة وهو ابن أربعين سنة، فقرن بنبوته إسرافيل ثلاث سنين، فكان يعلمه الكلمة والشئ، ولم ينزل القرآن، فلما مضت ثلاث سنين قرن بنبوته جبريل فنزل القرآن على لسانه عشرين سنة عشرا بمكة وعشرا بالمدينة.فمات وهو ابن ثلاث وستين سنة. فهذا إسناد صحيح إلى الشعبي وهو يقتضي أن اسرافيل قرن معه بعد الاربعين ثلاث سنين ثم جاءه جبريل وأما الشيخ شهاب الدين أبو شامة فإنه قد قال: وحديث عائشة لا ينافي هذا فإنه يجوز أن يكون أول أمره الرؤيا. ثم وكل به إسرافيل في تلك المدة التي كان يخلو فيها بحراء فكان يلقي إليه الكلمة بسرعة ولا يقيم معه تدريجا له وتمرينا إلى أن جاءه جبريل. فعلمه بعدما غطه ثلاث مرات، فحكت عائشة ما جرى له مع جبريل ولم تحك ما جرى له مع إسرافيل اختصارا للحديث، أو لم تكن وقفت على قصة إسرافيل”. انتهى

ومثله مذكور في السيرة الحلبية

ولماذا أعرضتم أيضا عن روايات أخرى تذكر أن خديجة كانت تعرف ما سيؤول إليه خبر النبي حتى قبل أن تتزوج منه. فقد قال أبو الحسن أحمد بن عبد الله البكري الأشعري – عاش في القرن السادس الهجري – في كتاب الأنوار في مولد النبي محمد صلى الله عليه واله وسلم ما نصه: “مر النبي صلى الله عليه واله يوما بمنزل خديجة بنت خويلد ، وهي جالسة في ملا من نسائها وجواريها وخدمها ، وكان عندها حبر من أحبار اليهود ، فلما مر النبي صلى الله عليه واله نظر إليه ذلك الحبر وقال : يا خديجة اعلمي أنه قد مر الآن ببابك شاب حدث السن ، فأمري من يأتي به ، فأرسلت إليه جارية من جواريها ، وقالت : يا سيدي مولاتي تطلبك ، فأقبل ودخل منزل خديجة ، فقالت :أيها الحبر هذا الذي أشرت إليه ، قال : نعم هذا محمد بن عبدالله ، قال له الحبر : اكشف لي عن بطنك ، فكشف له ، فلما رآه قال : هذا والله خاتم النبوة ، فقالت له خديجة : لو رآك عمه وأنت تفتشه لحلت عليك منه نازلة البلاء ، وإن أعمامه ليحذرون عليه من أحبار اليهود ، فقال الحبر : ومن يقدر على محمد هذا بسوء ، هذا وحق الكليم رسول الملك العظيم في آخر الزمان ، فطوبى لمن يكون له بعلا ، وتكون له زوجة وأهلا ، فقد حازت شرف الدنيا والآخرة ، فتعجبت خديجة ، وانصرف محمد وقد اشتغل قلب خديجة بنت خويلد بحبه “.انتهى

الوجه الثاني أن يقال أن هذا الأثر له علتان:

*العلة الأولى أن إسمَاعِيلُ بنُ أَبِي حَكِيمٍ, مَولَى آلِ الزّبَيرِ ضعيف، ضعفه الذهبي وغيره من علماء الحديث

قال مُحَمَّد بْن سعد فِي الطبقة الرابعة من أهل المدينة: “وكَانَ كاتبا لعمر بْن عبد العزيز، توفي سنة ثلاثين ومائة “. انتهى

* العلة الثانية أن إسماعيل قال أَنّهُ حُدّثَ عن خديجة ولم يذكر من حدثه عنها.

فإسماعيل بن أبي حكيم توفي سنة 130 من الهجرة . و السيدة خديجة رضي الله عنها توفيت سنة 3 قبل الهجرة. أي بين وفاتيهما 133 سنة .

فإن قيل أن هذا الأثر أخرجه أيضا الطبراني في المعجم الأوسط وقال : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِرْسٍ الْمِصْرِيُّ ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ نَضْلَةَ الْمَدِينِيُّ ، ثَنَا الْحَارِثُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفِهْرِيُّ ، حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي حَكِيمٍ ، حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ ، حَدَّثَتْنِي أُمُّ سَلَمَةَ ، عَنْ خَدِيجَةَ ، قَالَتْ …- وذكرالحديث

ثم قال الطبراني : “لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي حَكِيمٍ ، وَلا عَنْ إِسْمَاعِيلَ إِلا الْحَارِثُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفِهْرِيُّ ، تَفَرَّدَ بِهِ : يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ” .انتهى

و قال الهيثمي فى “المجمع، (8/ 256):”رواه الطبراني في “الأوسط”، وإسناده حسن”.

فجوابه أن يقال: تصحيح الهيثمي لهذا الحديث لم يوافقه عليه بعض العلماء لأن يحيى بن سليمان بن نضلة المديني فيه كلام من جهة حفظه، قال ابن عدي (7/ 2710): “قال ابن خراش: لا يسوي فلساً”.

وقال ابن أبي حاتم (4/ 2/154) عن أبيه:””شيخ، حدث أياماً ثم توفي”.

ويعني أنه في المرتبة الثالثة عنده؛ أي: يكتب حديثه وينظر فيه؛ لأنه قبل المرتبة الرابعة وهي من قيل فيه: متروك الحديث، أو كذاب، ونحو ذلك.

ولما ذكره ابن حبان في “الثقات ” (9/ 269) قال: “”يخطئ ويهم “.

وعليه فلا يحتج بحديثه؛ إذا لم يتابع كما يفيده قول الطبراني عقبه:

“تفرد به يحيى بن سليمان “.

فإن قالوا: أخرجه أيضا أبو نعيم الأصبهاني في كتاب ” دلائل النبوة ” ، فقال :حدثنا عمر بن محمد بن جعفر قال : ثنا إبراهيم بن علي قال : ثنا النضر بن سلمة قال : ثنا عبد الله بن عمرو الفهري ومحمد بن مسلمة ، عن الحارث بن محمد الفهري ، عن إسماعيل بن أبي حكيم ، عن عمر بن عبد العزيز ، عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ، عن أم سلمة ، عن خديجة بنت خويلد أنها قالت : قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم : يا ابن العم أتستطيع إذا جاءك هذا الذي يأتيك أن تخبرني به ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : نعم قالت خديجة : فجاءه جبريل عليه السلام ذات يوم وأنا عنده فقال : يا خديجة هذا صاحبي الذي يأتيني قد جاء فقلت له : قم فاجلس على فخذي فجلس عليها فقلت : هل تراه ؟ قال : نعم فقلت : تحول فاجلس على فخذي اليسرى فجلس فقلت : هل تراه ؟ قال : نعم قالت خديجة : فتحسرت فطرحت خماري فقلت : هل تراه ؟ قال : لا فقلت : هذا والله ملك كريم لا والله ما هذا شيطان “. انتهى

فيحي بن سليمان لم يتفرد بالرواية عن الْحَارِث بْنُ مُحَمَّدٍ الْفِهْرِيُّ، بل تابعه عبد الله بن عمرو الفهري و ابن سلمة.

فجوابه أن يقال: “يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ نَضْلَةَ الْمَدِينِيُّ هو الذي تفرد بالرواية عن الْحَارِثُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفِهْرِيُّ كما قال الطبراني، وأما متابعة عبد الله بن عمرو الفهري و ابن سلمة له في الرواية عن الْحَارِثُ كما في رواية أبي نعيم فهي ليست في الحقيقة بمتابعة معتبرة، لأن النضر بن سلمة الذي روى عنهما متهم بالوضع و سرقة الحديث .

قال أبو حاتم الرازي : كان يفتعل الحديث ولم يكن بصدوق

و قال ابن حبان : ممن يسرق الحديث لا يحل الرواية عنه إلا للاعتبار

قال الدارقطني : متروك، كذاب، يضع الحديث

قال ابن خراش : يضع الحديث .

وعليه فروايته هذه هي سرقة حديث، بمعنى أنه قد وجد الحديث براو واحد فأضافه لراو غيره ممن شاركه في طبقته .

فإن قيل أيضا: قال ابن إسحاق: “وقد حدثت عبد الله بن حسن هذا الحديث، فقال: قد سمعت أمي فاطمة بنت حسين تُحدِّث بهذا الحديث عن خديجة إلا أني سمعتها تقول: أدخلتْ رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بينها وبين درعها، فذهب عند ذلك جبريل، فقالت لرسول الله – صلى الله عليه وسلم -: إن هذا لملك وما هو بشيطان”. انتهى

فجوابه أن يقال أن هذا الأثر معارض لما رواه الإمام أحمد في مسنده وابن حبان في صحيحه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال: “يا أم سلمة لا توذيني في عائشة، فإنه والله ما نزل الوحي علي وأنا فى بيت امرأة من نسائي غير عائشة”. انتهى

ثم يقال أيضا أن هذا الأثر منقطع لأن فاطمة بنت الحسين تابعية، وهي بنت الحسين بن علي بن أبي طالب رَضِيَ اللهُ عَنهُم. وهي تابعية ولدت بعد وفاة خديجة بنحو ثلاث وأربعين سنة, ففاطمة على هذا لم تسمع من خديجة لم تدرك خديجة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا.

وحتى الحسين رضي الله عنه لم ير خديجة لأنها توفيت قبل الهجرة بثلاث سنين ,والحسين و لد في شعبان سنة أربع من الهجرة أي بعد وفاتها بسبع سنين ,فإذا كان أبوها لم يسمع من خديجة ,فكيف بابنته فاطمة ؟