- أولًا: كتاب «الرد على الجهمية» وكتاب «نقض عثمان بن سعيد([1]) على الـمَرِيْسِيّ([2]) العنيد» لعثمان بن سعيد الدارميّ (ت 280هـ)([3]) وهو غير صاحب السنن فليتنبّه([4]) .
- ثانيًا: الكتاب المسمى (السّنة) المنسوب زورًا إلى عبد الله ابن الإمام أحمد بن حنبل (ت 290هـ)
- ثالثًا: الكتاب المسمّى (السّنة) للخَلَّاْل
أولًا: كتاب «الرد على الجهمية» وكتاب «نقض عثمان بن سعيد([1]) على الـمَرِيْسِيّ([2]) العنيد» لعثمان بن سعيد الدارميّ (ت 280هـ)([3]) وهو غير صاحب السنن فليتنبّه([4]) .
أما كتاب الرّد على الجهمية ففيه الكثير من الأسانيد الواهية والمتون المنكرة التي تخالف التنـزيه، وأثبت فيه أن العرش يئطّ من ثِقَلِ الجبَّار فوقه، وأنه ينزل في الليل إلى جنة عدن، وهي مسكنه يسكن معه فيها النبيون والصديقون والشهداء، وأنه يهبط من عرشه إلى كرسيه ثم يرتفع عن كرسيه إلى عرشه، وعقد فيه بابًا في تكفير الجهمية، وبابًا في قتلهم واستتابتهم من الكفر، ولا يخفى أن «الجهمية» مصطلح تشنيع يريد المشبّهة به أحيانًا مَن نزّه وأوَّل المتشابهات، ولا يريدون تلك الفرقة التي انتسبت إلى جهم بن صفوان، مع أنّ شيخهم الضّال ابن تيمية كان اتبع جهمًا في بعض أقواله كالقول بفناء النار([5]) وهو كفر.
أما الكتاب الآخر فهو مثل سابقه، وزيد فيه باب سمّي باب إثبات الحركة لله عزَّ وجلَّ، وفيه إثباتُ الحدّ، وأن الله مسَّ آدم مسًّا بيده، وأنه يقعد على العرش فما يفضل منه إلا قدر أربع أصابع، وأنه قادر على الاستقرار على ظهر بعوضة، وأنه إذا غضب ثقل على حملة العرش، وأن رأس المنارة أقرب إليه من أسفلها، وغير ذلك مما هو مبسوط في موضعه، وكلّ ذلك كفر وضلال.
وهذان الكتابان لهما منزلة عظيمة عند ابن تيمية وتلميذه ابن قيم الجوزية، وقد أكثرا النقل عن هذين الكتابين، حتى قال ابن القيم([6]): «وكتاباه من أجلّ الكتب المصنَّفة في السنَّة وأنفعها، وينبغي لكل طالب سنَّة مراده الوقوف على ما كان عليه الصحابة والتابعون والأئمة أن يقرأ كتابيه، وكان ابن تيمية يوصي بهذين الكتابين أشدَّ الوصية ويعظّمهما جدًّا، وفيهما من تقرير التوحيد والأسماء والصفات بالعقل والنقل ما ليس في غيرهما» اهـ. وهذه عادة المشبهة بعد أن يتطاولوا على أئمة أهل السنة والجماعة بالطعن والإنقاص من شأنهم يمدحون قدماء المشبهة ويثنون على مصنفاتهم المملوءة بالتجسيم بأبلغ الثناء.
[1] ) عثمان بن سعيد بن خالد الدارميّ السجستانيّ، ت 280هـ، أبو سعيد من هراة. تذكرة الحفاظ، الذهبيّ، 2/146، 147. الأعلام، الزركلي، 4/205 ، 206.
[2] ) بشر بن غياث بن أبي كريمة عبد الرحمن المريسيّ، العدويّ بالولاء، ت 218هـ، أبو عبد الرحمن، معتزليّ عارف بالفلسفة، يُرْمَى بالزندقة. قال أبو زرعة الرازي: «بشر المريسيّ زنديق» اهـ. لسان الميزان، ابن حجر، 2/29، 30. الأعلام، الزركلي، 2/55. والمـمَرِيسي نسبة إلى (مَرِيس) كأَمِيْر أدنى بلاد النوبة التي تلي أرض أُسوان. تاج العروس، الزبيدي، مادة م ر س، 8/ 470.
[3] ) سير أعلام النبلاء، الذهبيّ، 13/319.
[4] ) هو غير الإمام الحافظ السني أبي محمد عبد الله الدارمي رحمه الله صاحب كتاب «السنن» الذي توفي سنة 255هـ.
[5] ) الرد على من قال بفناء الجنة والنار، ابن تيمية، ص67.
[6] ) الكتاب المسمّى اجتماع الجيوش، ابن قيّم الجوزية، ص 143.
ثانيًا: الكتاب المسمى (السّنة) المنسوب زورًا إلى عبد الله ابن الإمام أحمد بن حنبل (ت 290هـ)
أخذ هذا الكتاب من نسبته إلى ابن الإمام أحمد مكانة كبيرة عند المنتسبين زورًا إلى السلف خاصة في العصر الحديث، وقد قطع المعلّق على هذا الكتاب بنسبته إلى عبد الله بن أحمد بن حنبل، وبذل وسعه في الردّ على من نزَّه الإمام أحمد عن أن يخوض ولدُه الذي تربَّى في كنفه في كل ما خاض فيه المؤلف، ولم يأت هذا المعلّق بشىء علميّ يثبت صحة ما ادعاه ولم يُوثق كلامه بما يصلح أن يقوم دليلًا قاطعًا يقينيًا، بل اجتهد في كلام خطابيّ لا يدفع ما ذكره هو نفسه من الاعتراف بوجود مجهولين في طبقتيْنِ من طبقات إسناد هذا الكتاب إلى من نُسب إليه، والذي يبدو لنا أن هذا الكتاب من مؤلفات مَنْ يسمّيه المشبهة شيخ الإسلام، وهو أبو إسماعيل الهرويّ([1]) صاحب المؤلفات المعروفة في ما يسمونه زورًا بالعقيدة السلفية، وهذا الهرويّ شديد التعصُّب، وربما ركَّب لموضوعاته التي يصطنعها أسانيد يرويها عن محدّث هَراة أبي يعقوب إسحاق بن إبراهيم القراب الهرويّ([2]) عن شيخ مجهول عن شيخ مجهول عن الذي ينسب إليه. وأبو إسماعيل الهرويّ لا يستبعد منه صدور ما في هذا الكتاب، أما ابن الإمام أحمد فلا نظنّ به أن يتعدّى على الله وعلى رسوله ﷺ وعلى الإمام أحمد والإمام أبي حنيفة النعمان، وقد ذكر المعلّق في توثيق الكتاب وصحة نسبته إلى المؤلف نقلَ الحنابلة عنه وأخذَهم منه. وكل من ذكر نقلَهم عنه مِن بعد عصر الهرويّ المذكور، فلا تدفع هذه النقول هذا الشكّ في نسبة الكتاب إليه، ونحن نبرّئ ابن الإمام أحمد من ذلك جزمًا لا على الشكّ.
واشتمل هذا الكتاب على أكثر من مائة وثمانين نصًّا في الطعن في الإمام أبي حنيفة، بل في بعضها تكفيره، وأنه أُخِذ من لحيته كأنه تيس يدار به على الخلق يستتاب من الكفر أكثر من مرة، وأنه أفتى بأكل لحم الخنزير! وحكى فيه أيضًا أنَّ الإمام مالكًا ذكره بسوء، وقال: كادَ الدّينَ ومَن كادَ الدّينَ فليس من الدين، ووثَّق المعلّق رجال سند هذه الرواية([3])، وغير ذلك من المثالب([4]) التي تقشعر منها الأبدان، وتخريج هذه الرواية في كتاب الغرض من تصنيفه جمع السّنة والعقيدة المتوارثة بزعمهم خير مثال على أن الطعن بأكابر المسلمين وعلمائهم ركن من أركان هذه العقيدة التجسيمية التي تصدّى لها العلماء فتركوا الجواب العلميّ واستبدلوا به هذا الأسلوب في فتنة العوامّ الذين ينطلي عليهم ما يظهره هؤلاء من التزهد الهرويّ الكرّاميّ، المخدوعين بلافتات الدعوة إلى الكتاب والسّنة واتباع السلف زورًا وبهتانًا.
ومما اشتمل عليه هذا الكتاب من الكفر والضلال والجرأة على الله عزّ وجلّ وصفُه بالجلوس على العرش، وإثبات صدر وذراعين لله والعياذ بالله، وإثبات الثقل والصورة التي صُوّر عليها آدم، وأنه على كرسيّ من ذهب يحمله أربعة من الملائكة، وأنه واضع رجليه على الكرسيّ، وأن الكرسيّ قد عاد كالنعل في قدميه، وأنه إذا أراد أن يخوّف أحدًا من عباده أبدى عن بعضه، وأنه قرَّب داودَ عليه السلام حتى مسّ بعضه وأخذ بقدمه، وغير ذلك من الكفر والتجسيم والطامات الشنيعة.
ومما اشتمل عليه في حق الإمام أحمد أنه نقل عنه تصحيح الأخبار التي تثبت جلوسَه عزَّ وجلَّ على العرش وحصولَ صوت الأطيط من هذا الجلوس، وأنه واضع رجليه على الكرسيّ وأن الكرسيّ موضع قدميه، وأنه يقعد على العرش فما يفضل منه إلا قدر أربع أصابع، وغير ذلك من التجسيم. فحاشى أن يصحّح الإمام أحمد رضي الله عنه هذه الأخبار ويخفى عليه ضعف سندها وما في متنها من النكارة ومخالفة عقيدة السلف الصالح المنزّه لله عن الجسمية والكيفية.
[1] ) عبد الله بن محمد بن عليّ الأنصاريّ الهرويّ، أبو إسماعيل، ت 481هـ، من كبار مجسمة الحنابلة، من كتبه: الكتاب المسمى «ذمّ الكلام وأهله»، والكتاب المسمَّى «الفاروق في الصفات». الأعلام، الزركلي، 4/122.
[2] ) إسحاق بن إبراهيم بن محمد أبو يعقوب القراب السرخسيّ ثم الهرويّ. محدّث هراة ربما زاد عدد شيوخه على ألف ومائتي نفس. توفي سنة تسع وعشرين وأربعمائة. سير أعلام النبلاء، الذهبيّ، 17/570. طبقات الشافعية الكبرى، السبكيّ، 4/264.
[3] ) الكتاب المسمّى السُّنَّة، المنسوب كذبًا لعبد الله بن أحمد بن حنبل، 1/199.
[4] ) «المثالِبُ: العُيُوبُ» اهـ. لسان العرب، ابن منظور، مادة ث ل ب، 1/241.
ثالثًا: الكتاب المسمّى (السّنة) للخَلَّاْل
هو أبو بكر أحمد بن محمد بن هارون بن يزيد البغدادي الخلال (ت311هـ)، وفي كتابه هذا أطال في تقرير قعود النبيّ ﷺ مع البارئ سبحانه على الفضلة التي تفضل من العرش! وحشر مع ذلك نقولًا عن بعض المحدّثين في تكفير منكره ورميه بالبدعة والتجهم، وغير ذلك مما لو قرأه رجل لم يسمع عن دين الإسلام شيئًا لظنَّ أنَّ هذا الخبر ركن من أركان الإسلام! وفيه أيضًا الكذب على الإمام أحمد وأنه تلهَّف لسماع هذا الخبر إذ لم تحصل روايته له من علو([1]).
وفيه أن الله عزّ وجلّ ينادي: «يا داود، ادْنُ مني» فلا يزال يدنيه حتى يمسّ بعضه ويقول: «كن أمامي» فيقول: «ربّ، ذنبي ذنبي»، فيقول الله له: «كن خلفي خذ بقدمي!» اهـ. والعياذ بالله عزّ وجلّ من هذا الكفر الشنيع الذي يشبه أباطيل اليهود والنصارى وأكاذيبهم
[1] ) الكتاب المسمّى السُّنَّة، الخلال، ص 244، 255.
