الرد على محمد المسيح في حلقته المسماة اسراء موسى في القرآن

الرد على محمد المسيح في حلقته المسماة: ” اسراء موسى في القرآن”

زعم محمد المسيح أن كلمة عبده في الآية الأولى من سورة الاسراء لا تتعلق بالنبي محمد صلى الله عليه و سلم و إنما المراد بعبده في الآية هو موسى عليه السلام بدليل أن الآيات التالية تذكر قصة موسى و بني اسرائيل كأية “وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلَّا تَتَّخِذُوا مِن دُونِي وَكِيلً” سورة الاسراء:2 -، و قال أن موسى هو الذي سرى ببني اسرائيل ليلا و خرج من مصر، و احتج لذلك أيضا بقراءة منسوبة لابن مسعود وهي قوله: ” سبحان الذي سرى بعبده ليلا”. فكلمة سرى قد نسبت لسيدنا موسى في العديد من الآيات القرآنية منها:

– وأوحينا إلى موسى أن اسر بعبادي إنكم متبعون – الشعراء 52 –

– لقد أوحينا إلى موسى أن أسر بعبادي – طه 77-

– فأسر بعبادي ليلا إنكم متبعون – الدخان 23-

والرد على هذه الشبهة أن يقال ان الثابت عن ابن مسعود هي القراءة التالية ” سبحان الذي أسرى بعبده من الليل” و هي منسوبة لحذيفة أيضا كما قال ابن عطية في تفسيره: “وقرأ حذيفة وابن مسعود «أسرى بعبده من الليل من المسجد الحرام». انتهى

وأما ما جاء في معجم القراءات جزء 5 في أول سورة الاسراء وهو قوله: “وقرأ ابن مسعود سرى بعبده بلا ألف في أوله، قال الخليل بعد ذكر هذه القراءة: و سرى به و أسرى به سواء”. انتهى

فهذه قراءة غير ثابتة أو مسندة عن ابن مسعود و قد حقق السهيلي ذلك فقال: “لا يجوز أن يقال سرى بعبده بوجه من الوجوه، فلذلك لم تأت التلاوة إلا بوجه واحد في هذه القصة” انتهى كما في الروض الأنف.

وابن مسعود نفسه قد أثبت الاسراء للنبي محمد صلى الله عليه و سلم كما في الحديث الذي رواه الحاكم و البخاري و غيرهما و نصه: ” فَكَانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ- فِيمَا بَلَغَنِي- عَنْهُ- يَقُولُ:أُتِيَ رَسُولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِالْبُرَاقِ- وَهِيَ الدّابّةُ الّتِي كَانَتْ تُحْمَلُ عَلَيْهَا الْأَنْبِيَاءُ قَبْلَهُ”. انتهى

ثم ينبني على هذه النظرية معضلتين أساسيتين:

الأولى: الآيات التي فيها ذكر خروج موسى من مصر قد استخدمت في سياق يشير للفرار من فرعون و هذا لا يستقيم مع قوله تعالى: “سبحان الذي أسرى بعبده ليلا” لأن تركيب الجملة يصبح ركيكا كما لو قلت: تنزه الذي أخرج عبده فارا من فرعون.

الثانية: هذه النظرية لا تستقيم مع قول المشككين أن هذه الأية قد أضافها عبد الملك بن مروان ليجبر الناس على الحج لبيت المقدس. فهلا بين لنا هل الآية ترجع لعصر الصحابة أم لعصر عبد الملك بن مروان بحسب منهجه؟

تنبيه: قوله تعالى ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً﴾ ومَعْرُوفٌ أَنَّ الإِسْرَاءَ مِنَ السَّيْرِ لَيْلاً وَإِنَّمَا قَالَ تَعَالَى ﴿لَيْلاً﴾ بِلَفْظِ التَّأْكِيدِ لِبَيَانِ تَقْلِيلِ مُدَّةِ الإِسْرَاءِ فَإِنَّهُ أُسْرِي بِهِ فِي بَعْضِ اللَّيْلِ.

قال الحوفي: أسرى سار ليلا، وسرى سار نهارا، وقيل أسرى سار من أول الليل، وسرى سار من آخره وهذا أقرب، والمراد بقوله أسرى بعبده أي جعل البراق يسري به كما يقال أمضيت كذا أي جعلته يمضي، وحذف المفعول لدلالة السياق عليه ولأن المراد ذكر المسرى به لا ذكر الدابة، والمراد بقوله: بعبده محمد عليه الصلاة والسلام اتفاقا والضمير لله تعالى والإضافة للتشريف، وقوله ليلا ظرف للإسراء وهو للتأكيد، وفائدته رفع توهم المجاز لأنه قد يطلق على سير النهار أيضا، ويقال بل هو إشارة إلى أن ذلك وقع في بعض الليل لا في جميعه، والعرب تقول سرى فلان ليلا إذا سار بعضه، وسرى ليلة إذا سار جميعها، ولا يقال أسرى إلا إذا وقع سيره في أثناء الليل، وإذا وقع في أوله يقال أدلج ومن هذا قوله تعالى في قصة موسى وبني إسرائيل ﴿فأسر بعبادي ليلا﴾ أي من وسط الليل