بيان أن الإسراء كان يقظة بالجسد و الروح
ليعلم أن الله عز وجل أسرى بعبده محمد صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى كما أخبر تعالى: سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ.
وقد تظاهرت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن الله حمله على البراق، حتى وصل المسجد الأقصى، وصلى هناك بمن صلى من الأنبياء والرسل، فأراه ما أراه من الآيات.
وقد روى مسلم عن أنس بنِ مالكٍ رضيَ اللهُ عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “أُتِيتُ بالبُراقِ وهوَ دَابّةٌ أَبيَضُ طَويلٌ فَوقَ الحمَارِ ودُونَ البَغلِ، يضَعُ حَافرُه عندَ مُنتَهَى طَرْفِه، قالَ فَركِبتُه حتى أَتيتُ بَيتَ المقدِس فَربَطْتُه بالحَلقةِ التي يَربِطُ بها الأنبياء، قال ثم دخَلتُ المسجدَ فصَلّيتُ فيه ركعَتين، ثمّ خَرجتُ”. الحديث
ولا معنى لقول من قال أنه أسري بروح النبي دون جسده، لأن ذلك لو كان كذلك لم يكن في ذلك ما يوجب أن يكون دليلاً على نبوته، ولا حجة له على رسالته، وكذلك فإن الله إنما أخبر في كتابه أنه أسرى بعبده، ولم يخبرنا بأنه أسري بروح عبده، وليس جائزاً عقلا أن يتعدى معنى الكلام إلى معنى غيره بلا قرينة ظاهرة، ولو كان الإسراء بروحه فقط لم تكن الروح محمولة على البراق، إذ كانت الدواب لا تحمل إلا الأجساد.
وفي الحديثِ الٱنف الذي رواه مسلم في صحيحه دليلٌ على أن الإسراءَ والمعراجَ كانا في ليلةٍ واحدةٍ برُوحِه وجسَدِه يَقظَةً إذْ لم يقُل أحَدٌ أن الرسول وصَل إلى بيتِ المقدس ثمّ نامَ، و لو كان نوما لما أنكر ذلك عليه كفار قريش. بل النص القرٱني صريح ان النبي لم يكن نائما، فقد قال تعالى : وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى (13) عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى (14) عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى (15) إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى (16) مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى (17) لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى (18) -سورة النجم-
رابط متعلق بالموضوع

