حماد بن زيد – نقض استدلال المجسمة بمقالة حماد بن زيد لاثبات تحيز الله في السماء

حماد بن زيد

الجزء الأول: نقض استدلال المجسمة بمقالة حماد بن زيد لاثبات تحيز الله في السماء

حمَّادُ بنُ زيدٍ المتوفى سنة 179 هجري، هو عالم من علماء السلف الصالح و شيخ الإمام البخاري.

ذكر الامام عبد الله بن حنبل في زوائده على المسند قال: “حدثنا عبد الله، قال: حدثنا علي بن مسلم، قال: حدثنا سليمان بن حرب، قال: سمعت حماد بن زيد، وذكر الجهمية فقال : «إنما يحاولون أن ليس في السماء شيء». انتهى

وقال الهيثمي في مجمع الزوائد: ” وعن حماد بن زيد وذكر الجهمية فقال إنما يحاولون أن ليس في السماء شئ. رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح”. انتهى

وقد احتجت المجسمة بهذه المقالة لاثبات أن البارئ متحيز في السماء، وجواب ذلك أن الرواية ليست صريحة في الكلام عن الله، و حماد بن زيد لم يقل ذلك لاعتقاده أن الله متحيز في السماء، بل لعلمه أن الجهمية أنكروا أن الكرسي في السماء وتأولوه بالعلم، كما تأوَّلوا أيضا العرش بالملك، فأنكر عليهم حماد بن زيد ذلك.

فالجهمية لهم زيغ كثير في العقائد منها انكارهم للعرش و الاستواء و الكرسي وانكار الصفات الثابتة لله عز وجل وقولهم ان الله في كل مكان.

فلو قيل أنه توجد رواية أخرى ذكرها البخاري في خلق أفعال العباد عن حماد بن زيد أنه قال : “ما يحاولون إلا أنه ليس فى السماء إله”

فجواب ذلك أن رواية خلق أفعال العباد لا حجة فيها، فقد رواها البخاري بلا سند، ولم يذكر أنه يرويها عن سليمان بن حرب او عن غيره، و البخاري أيضا لم يدرك حماد بن زيد، فتكون روايته منقطعة، وبالتالي لا ترقى للاحتجاج بها في العقائد.

ثم ان البخاري رحمه الله قد حشد في خلق أفعال العباد مروايات فيها التالف وفيها الصحيح، ولا يعني ذلك أنه لا يرى بها بأسا كما يزعم بعضهم، بل كانت تلك عادة المحدثين في ذكر المرويات سواء الصحيحة او الضعيفة، وجعل العهدة على راويها.

وزيادة في دفع ادعاء من يحتج بكتاب خلق أفعال العباد، يقال أيضا أن هذا الكتاب أسانيده المذكورة في المخطوط مظلمة، وفيها مجاهيل.

راجع الرابط التالي:

بل ان البخاري رحمه الله قد صرح أن له مسودات من جميع كتبه، فكيف يعلم أن النسخة التي طبع وفقها هذا الكتاب، ليست مجرد مسودة لم ينقحها البخاري حتى توفي، خاصة وان هذا الكتاب لم ينل الشهرة والقبول الذي ناله صحيحه.

راجع الرابط التالي:

ولو قيل أيضا أن الذهبي قال في العلو: “قال عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي الحافظ في كتاب “الرد على الجهمية”: “حدثنا أبي ، حدثنا سليمان بن حرب : سمعت حماد بن زيد يقول : إنما يدورون على أن يقولوا : ليس في السماء إله “. انتهى

فهذا غير ثابت، لأن كتاب “الرد على الجهمية” لعبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي المتوفى سنة 327 هـجري هو كتاب مفقود. وقد روى منه اللالكائي المتوفى سنة 418 هجري في كتابه شرح أصول السنة والذهبي في العلو للعلي الغفار وغيرهما، و لم يصرح الذهبي و لا اللالكائي بالاطلاع عليه.