ذكر بعض مخطوطات كتاب خلق أفعال العباد للبخاري وبيان انقطاعها

ذكر بعض مخطوطات كتاب خلق أفعال العباد للبخاري وبيان انقطاعها

مخطوطات كتاب “خلق أفعال العباد” الرائجة اليوم ليست ثابتة عن الإمام البخاري: فهي ليست منقولة عن الثِّقات بالسَّند المُتَّصل إليه، بل فيها مَن لا تُعرف له ترجمة؛ وما كان كذلك لا يصحُّ الاحتجاج بلفظ واحد فيه لإثبات مذهب مُصنِّفه؛ فهذا الكتاب لا يثبُت عن الإمام البُخاريِّ بالقُوَّة الَّتي يثبُت بها كتابُه “الصَّحيح”.

ولذلك سمح الكوثريُّ لنفسه أنْ يقول في تعليقه على “الاختلاف في اللَّفظ لابن قُتيبة”: “كتاب [خلق الأفعال” المنسوب لأبي عبدالله البُخاريِّ. انتهى

وأراد بقوله “المنسوب” الإشارة إلى أنَّه لا يصحُّ نسبة كُلِّ لفظ فيه إلى الإمام البُخاريِّ ببيِّنة شرعيَّة وطريق صحيح ثابت مقطوع به.

فكتاب خلق أفعال العباد، رغم كون نسبته مشهورة بين المحدثين أنه من تواليف الإمام البخاري، الا ان هذه المخطوطات الرائجة للكتاب لا يمكن نسبة كل ما فيها للبخاري لجهالة بعض النساخ. وهذا يفتح الباب لاحتمال تعمد التحريف وزيادة نصوص أو حذفها من المخطوط الأصلي، او اضافة بعض التعليقات انتصار لمعتقد معين.

وفي ما يلي عرض لبعض أسانيد هذا الكتاب:

1- الإسناد الأول مذكور في نسخة المكتبة السعيدية بحيدر آباد الدكن

أ-ناسخ المخطوط هو محمد بن أحمد بن إبراهيم بن حيدرة، المتوفى في ربيع الأول سنة 741 هجري بالقاهرة.

نقل نسخته من نسخة أخرى بخط الشيخ أبي بكر بن الخاضبة المتوفى سنة نيف وثلاثين وأربعمائة و المتوفى سنة 489 هجري.

وهنا يلاحظ ان المخطوط بقي قرونا قبل ان ينسخه الشيخ محمد بن أحمد.

ب-أبو بكر بن الخاضبة نسخه عن أبي بكر وجيه بن طاهر الشحامي. وقرأه عليه أيضا أبو بكر محمد بن عبدالله بن أحمد العامري سماعًا.

ج- أبو بكر وجيه بن طاهر الشحامي: ولد سنة 455 هجري و توفي سنة 541 هجري، نسخ كتاب خلق افعال العباد كتابةً من نيسابور، ولم يذكر النسخة التي اعتمدها ولا ذكر سندها ولا ناسخها.

د- أبو بكر العامري الصوفي المعروف بابن الخباز: مجهول الحال في الرواية توفي سنة 530 هجري.

و العامري سمعه من سمكويه أبي الفتح محمد بن أحمد بن عبدالله الأصبهاني، ونص العامري أن سمكويه أذن له في رواية بعض ما في الكتاب لا كله، فقال: ” فيما أذن لي أن أرويَه عنه”. انتهى

د- سمكويه: رواه عن أبي سهل أحمد بن علي الأبيوردي، وهو رجل مجهول.

2- نسخة مكتبة الحديث بحيد أباد

المخطوطة منسوخة عن المكتبة السعيدية، وتعود لسنة 1305 هجري، وهي غير مقابلة، ومجهولة الناسخ.

3- نسخة مكتبة السليمانية

هذه النسخة مجهولة الناسخ

—————————————-

ثم ان الناظر في هذا الكتاب يجد ان البخاري حشد فيه الكثير من المروايات غير الصحيحة و المنقطعة الاسناد. فكيف يقول قائل: ” ان البخاري ساقها في معرض الرد على الجهمية وغيرهم من أصناف أهل الضلال” ، مع أنها لا ترقى للاحتجاج بها من أصله؟ بل ولا يصح في هذا المقام أن يقال أنه ساقها لأنه كان لا يرى بها بأسا، لأن المطلوب هو اقامة الحجة على الخصوم، لا الاكتفاء بموقفه هو تجاه تلك المقالات، فالبخاري أجل من أن يحتج بالضعيف على خصومه.

و الأقرب أن هذا الكتاب في أصله مسودة غير مكتملة، حشد فيها البخاري كل ما بلغه من مرويات لأجل تنقيحها لاحقا اما بازالتها أو اضافة الاسانيد لها.

راجع الرابط التالي: