عبد الغني بن عبد الواحد المقدسي الدمشقي الحنبلي أفتى علماء مصر بكفره

عبد الغني بن عبد الواحد المقدسي الدمشقي الحنبلي المتوفى سنة 600 هجري

زعم الذهبي أن عبد الغني المقدسي، كان يقول بالتفويض. فقد قال الحافظ ابن رجب في الذيل على طبقات الحنابلة، ما نصه: ” قرأت بخط الإمام الذهبي : …. ولم يبد من الرجل أكثر مما يقوله خلق من العلماء الحنابلة والمحدثين من أن الصفات الثابتة محمولة على الحقيقة لا على المجاز أعني أنها تجري على مواردها لا يعبر عنها بعبارات أخرى كما فعلته المعتزلة أو المتأخرون من الأشعرية”. انتهى

فالذهبي فسر هنا أن حمل الصفات الثابتة على الحقيقة، معناه عدم تأويلها، وإجراءها على مواردها، وعدم التعبير عنها بعبارات أخرى، وهذا عين مذهب التفويض، وأما مذهب المجسمة فحمل الصفات عندهم على الحقيقة معناه؛ عدم تأويلها، وحملها على المعنى الحقيقي، و التعبير عنها بعبارات تفسر ذلك المعنى كتفسيرهم الاستواء بالجلوس والقعود.

وطعن الذهبي في الأشعرية هنا واضح، لأنه يعلم أن شِقا من المتأخرين منهم لا يؤولون الصفات، ويفوضونها.

وعلى كل حال فما ادعاه الذهبي غير صحيح، وقد كان العلماء المعاصرون للمقدسي في الشام ومصر أعلم منه بحاله، فقد ذكر أبو شامة المقدسي الدمشقي الشافعي في كتابه تراجم رجال القرنين السادس و السابع المعروف بالذيل على الروضتين في الصحيفة 69 – طبعة دار الكتب العلمية بتحقيق ابراهيم شمس الدين- في حوادث سنة 600 هجري، في معرض كلامه عن أبي محمد عبد الغني المقدسي، ما نصه: “ثم سافر إلى مصر فنزل عند الطحانين و صار يقرأ الحديث, فأفتى فقهاء مصر باباحة دمه و كتب أهل مصر إلى الصفي بن شكر وزير العادل يقولون قد أفسد عقائد الناس و يذكر التجسيم على رؤوس الأشهاد”. انتهى

وهذا النص يدل صراحة أن عبد الغني المقدسي كان يقول بالتجسيم، لذلك أفتى علماء مصر بكفره، بعد أن وقفوا على لوازم كلامه، وقبل ذلك لم يرض العلماء طعنه في أبي نعيم بأصبهان وطعنه في أبي حنيفة في الموصل، كما لم يرض أهل دمشق مقالاته في العقيدة. لكن مجسمة الحنابلة يزعمون أن هذا كان مجرد تحامل من الأشاعرة، أي أن كل المدن الاسلامية الكبرى في ذلك الوقت كانوا مبتدعة، وزمرة من المنتسبين للحنابلة كانوا على المعتقد الصحيح.