المَاءُ أوَّلُ المَخْلُوقَاتِ ثُمَّ العَرْشُ ثمَّ القَلَمُ الأعْلَى واللَّوْحُ المَحْفُوظُ

“ابْتِدَاء الزَّمَانِ جَرَى عِنْدَ خَلْقِ الخَلْقِ”.

لا يُقالُ خَلَقَ اللهُ “العالمَ” فِي سِتَّةِ أيَّامٍ، إنَّمَا يُقَالُ خَلَقَ اللهُ السَّمَوَاتِ والأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أيَّامٍ.

فاللهُ سُبحَانَهُ خَلَقَ أشْياءَ أُخْرَى قَبْلَ خَلْقِهِ لِلسّمواتِ والأَرْضِين.

فالمَاءُ أوَّلُ المَخْلُوقَاتِ ثُمَّ العَرْشُ ثمَّ القَلَمُ الأعْلَى واللَّوْحُ المَحْفُوظُ.

قال تعالى: {اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَواتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ}. (سورة السجدة).

اللهُ تَعالَى خَالِقُ الزَّمَانِ فَلَا يَجْرِي عَلَيْهِ زَمَانٌ.

فإنَّ ابْتِدَاءَ الزَّمَانِ جَرَى عِنْدَ خَلْقِ الخَلْقِ.

أمّا اللهُ فلا ابْتِداءَ لوجودِه، كان سبحانهُ موجودا في الأزَلِ قبلَ الخلقِ. كان اللهُ موجودا قبلَ خلقِ الزمانِ وقبل غيْرِهِ من المخلوقات. لقولهِ تعالى: {هو الأوَّلُ}.

والأيّام التِي ذُكِرَتْ فِي الآيَةِ هُوَ زَمَانٌ مَرَّ عَلَى المَخْلُوقِ وَلَيْسَ عَلَى اللهِ.

وقَدْ قِيلَ إنَّ اليَوْمَ مِنْ تِلْكَ السِتَّةِ أيَّام مِقْدَارُهُ ألْفُ سَنَةٍ.

فإنْ قِيلَ: اللهُ قَادِرٌ عَلَى خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَينَهُمَا فِي لَمْحَةٍ مِنَ البَصَرِ فَمَا الحِكْمَةُ فِي خَلْقِهَا فِي سِتَّةِ أيَّاّمٍ؟

أوَّلا: ليُعلم أنّ اللهَ سُبحانه و تعالى، يخلقُ الأشياءَ التي أرادها أن تكون بقُدرته الأزليّة، وعلى الصفة التي أرادها وفي الوقت الذي علِمَ أنها تكونَ فِيهَا بِلاَ تَأخُّرٍ ولاَ تَقَدُّمٍ. فهو الذي لا يُعْجِزُهُ شىءٌ، قال سُبحانه: {إنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}، ومعنى الآيةِ {أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}، هو إِخبارٌ عنْ سُرْعَةِ الإِيجَاد،ِ وليس معناه أنَّ اللهَ كلَّمَا أراد أن يوجِد شيئًا من مخلوقاته يقول له “كن” والعياذُ بالله.

ثانِيا: خلقُهُ سُبحانَهُ وتعالى للسَّمَوَاتِ والأَرضِ ومَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أيَّامٍ حتَّى يُعلِّمَ عِبَادَهُ التَأَنِّي وعَدَمَ العَجَلَةِ وأن يتدَبَّرُوا الأمُورَ.

فلاَ يُقَاسُ الخَالِقُ بِالمَخْلُوقِ. فتنبهوا يرحمني ويرحمكم الله تعالى، فإن هذه المعلومات من أصول عقيدة المسلمين.

رحم الله كاتبها وناشرها. ءامين.