مقدمة
قصص_الأنبياء
الحمد لله الذي أكرمنا ببعثة سيدنا محمد خير الأنام وأرسل الرسل والأنبياء هداة مهديين، يدعون إلى عبادته سبحانه ويحذرون من معصيته. والصلاة والسلام على من صلّى بالأنبياء إمامًا وكان لهم ختامًا سيدنا محمد بن عبد الله وعلى ءاله وصحبه الطاهرين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
إن المطالع في سيرة وقصص أنبياء الله ورسله الكرام من لدن أول البشر والأنبياء سيدنا ءادم عليه السلام إلى ءاخرهم وأفضلهم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم يجد أن فيها المواعظَ والعِبَرَ، وتعليمَ الناس على الصبر، وحثَّهم على أداء ما افترض الله، والثباتَ على الحق، قال الله تعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأُوْلِي الأَلْبَابِ﴾ [سورة يوسف/ 111].
وقد جعل الله أفضلَ الخلائقِ الأنبياءَ والرسلَ عليهم السلام وخصَّهم بصفات وشمائل لم يعطها لغيرهم من خلقه، لذا فقد قمنا بجمع قصص الأنبياء الذين وردت أسماؤهم في القرءان الكريم سوى سيرة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم باختصار ومن غير إطالة.
ويسعدنا أن نضع بين يدي القراء كتاب “قصص الأنبياء” الذي دفعنا إلى جمعه وإعداده أسباب عديدة منها رغبتُنا في أن يكون بين يدي الراغبِ سيرةُ وقصص أنبياء الله ورسله الكرام ليستفيد منها ويستخلص ما ينير له دربه وحياته، لا سيما أننا في عصر كثرت فيه الفتن وادلهمت الخطوب. ومنها أيضًا رغبتنا في تنقية هذه القصص من الروايات المكذوبة التي كثر انتشارها وتداولها، وفي بعضها ما يعارض المعتقد الإسلامي بالنسبة لما يجب للأنبياء والرسل من صفات وما يستحيل في حقهم من رذائل وسفاهات.
ونسأل الله العليّ القدير أن يجعل عملنا هذا خالصًا لوجهه الكريم وأن يوفقنا لما يحبه ويرضاه ويرزقنا حسن الختام.
النبوّة والرسالة
النُّبُوَّة مشتقة من النَّبْوَةِ وهي الرِّفعة، أو من النبأ وهو الخبر، فالنبي فعيل بمعنى فاعل أي أنه مخبر عن الله تعالى بواسطة الملك. والنبوة خاصة بالبشر فليس في الملائكة ولا في الجن نبي، وأما الرسالة فليست خاصة بالبشر قال تعالى: ﴿اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ﴾ [سورة الحج/75]. الفرق بين الرسول والنبي: الرسول من البشر هو النبي الذي أوحي إليه بشرع يشتمل على حكم جديد لم يكن في شرع الرسول الذي قبله كسيدنا محمد وعيسى وموسى فإن هؤلاء كل واحد منهم أنزل عليه حكم جديد. فموسى عليه السلام أنزل عليه قتل القاتل من دون أن يترك القاتل بالمصالحة على الدية ولا بالعفو المجاني، وعيسى أنزل عليه حكم جديد وهو الدية فقط، ومحمد أنزل عليه القصاص والعفو على الدية والعفو المجاني وشبهُ ذلك، هذا في القتل العمد، وكذلك الصلوات ما كانت تصلى في شرع من قبل محمد إلا في مكان مخصوص، وأنزل الله على محمد أن الأرض جعلت مسجدًا أي تصح الصلاة في المكان المخصوص وغيره، وأما النبي غير الرسول فهو من أوحي إليه باتباع شرع الرسول الذي كان قبله وأمر بتبليغ ذلك، ولم يوحَ إليه بشرع جديد، فكل رسول نبي وليس كل نبي رسولا.
النبوة غير مكتسبة، فهي غير متعلقة بكسب للنبي كما يقول تبارك وتعالى: ﴿يُؤْتي الحِكمَة مَنْ يَشاءُ﴾ [سورة البقرة/269] أي النبوة والرسالة فلا تنال بالعمل والاجتهاد في العبادة وحسن الخلق إنما تنال باصطفاء الله وموهبته. ثم إن الله ختم النبوة بمحمد صلى الله عليه وسلم فهو ءاخر الأنبياء وأمته ءاخر أمة أرسل إليها رسول.
والرسول لا بدّ أن يكون أكمل من المرسلِ إليهم عقلا وفضلا وفطنة ومعرفة وصلاحا وعفة وشجاعة وسخاوة وزهدًا، قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى ءادَمَ وَنُوحًا وَءالَ إِبْرَاهِيمَ وَءالَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ﴾ [سورة ءال عمران/33].
ولا يجوز أن يكون الرسول امرأة، ولا أن يكون عبدًا مملوكًا، ولا أن يكون ناقص الحسّ لأجل الحاجة إلى كمال الحواس في أداء الرسالة وما يتعلق بها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ما بعث الله نبيًّا إلا حسن الوجه حسن الصوت، وإن نبيّكم أحسنهم وجهًا وأحسنهم صوتًا” رواه الترمذي.
