بعض أحكام الطلاق

الحمدُ للهِ ربِّ العالَمين وصلَّى اللهُ وسلَّمَ على سيِّدِنا مُحمّد وعلى آلِه وصحبِهِ الطيِّبين الطاهِرين وبعدُ؛

يقولُ الرَّسولُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ” ثلاثٌ جِدُّهُنَّ جِدّ وهَزْلُهُنَّ جِدّ، الطلاقُ والنِّكاحُ والرَّجْعة”،

فَيُفيدُ ذلك أنَّ مَنْ طلَّقَ أمْرأتَه ولوْ كانَ مازِحًا وَقَعَ الطّلاق. يَعني إنْ قالَ لِزوْجتِهِ مَثلًا “أنتِ طالِق”، أوْ قالَ لها “إنْ خرَجْتِ منَ البيتِ فأنتِ طالِق” وخرَجَتْ، تَطلُقُ يَقعُ الطَّلاق وتَحْرُمُ عليهِ إلَّا إذا أرْجَعَها ضِمْنَ العِدَّةِ فتَعودُ لهُ حَلالًا،

أمَّا بعدَ العدَّة فلا بدَّ أنْ يُجَدِّدَ هذا العَقد.

والذي يَحصُلُ مِنْ كَثيرٍ منَ الناس التّساهُلُ في هذا الأمر، حتّى إنَّ بعضَ النَّاس يُطَلِّقُونَ الزَّوْجات بالثّلاثِ ثمَّ يَعيشُ معها وكأنَّها زوْجةٌ له.

اللهُ تباركَ وتَعالى قال:{الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ ۖ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ}:

معنى هذهِ الآية الطّلاقُ الذي بعدَهُ رَجْعَة مَرَّتان، فإمَّا أنْ يُمْسِكَها بعدَ ذلك وإمَّا أنْ يُفارِقَها بإحْسَان.

قالَ اللهُ تعالى: {فَإِن طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىٰ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ}: معناهُ إنْ طلَّقَها بالثّلاثِ لا تحِلُّ لهُ حتّى تُمضِيَ العِدَّةَ ثمَّ تتزوَّجَ بآخَر ثمّ يَدْخُلَ بها هذا الآخَر ثمَّ يُطَلِّقَها ثمّ تَمْضي العِدّة ثمّ تعودُ للأوّلِ بِعَقدٍ جديدٍ بِوَلِيٍّ وشاهِدَيْ عدْلٍ وإيجَابٍ وقَبول.

فمَنْ عاشرَ امْرأتَهُ بعدَ أنْ طلَّقَها ثلاثًا دونَ أنْ يعمَلَ ذلك فقدْ وقَعَ في الحَرامِ وهذا ما يقعُ فيهِ كثيرٌ منَ النّاسِ في هذه الأيامِ والعِياذُ بالله.

سيِّدُنا عبدُ اللهِ بنُ عباسٍ رضيَ اللهُ عنهُما سُئِلَ عنْ رجلٍ طلّقَ امْرأتَهُ مائةَ تَطْليقَة، فقال “بانَتْ منهُ بالثّلاث وسبْعٌ وتِسْعونَ أُحْموقَةً ارْتَكَبَها”.

وسُئِلَ عنْ رجلٍ طلّقَ امْرَأتَه عددَ النُّجومِ فقال “بانَتْ منهُ بالثّلاثِ” .

وسُئِلَ عنْ رجلٍ طَلّقَ امْرأَتَهُ ألفَ تَطْليقَة فقال “بانَتْ منهُ بالثّلاث”.

فهذهِ الفَتْوى التي يُفْتِيها بعضُ النَّاسِ في هذهِ الأيامِ يَقولون ((مَنْ طَلَّقَ امْرأتَهُ ثلاثًا بِلَفظٍ واحدٍ في مجلسٍ واحدٍ لا يقعُ الثلاث)) هي فتْوى باطِلة فاسِدة، وذَكَروا هذهِ الآيةِ في غيرِ مَحَلِّها “الطَّلاقُ مَرَّتان” قالوا إذًا لا يقعُ بِمَرَّةٍ واحدةٍ، وكلامُهمْ باطِلٌ “الطَّلاقُ مرَّتان” معناهُ الطَّلاقُ الذي بعدَهُ رجعة مرَّتان، فإنْ طلَّقَها كما جاءَ في القرءانِ الكريمِ فَلا تَحِلُّ لهُ مِنْ بَعْدُ حتَّى تنكِحَ زوجًا غيْرَه.

نسْألُ اللهَ تعالى لنا ولكمُ السَّلامةَ في القولِ والعملِ والاعْتِقادِ.