بيان ما الَّذي امتنع في حديث: (لَو أَنَّ اللهَ يُؤَاخِذُنِي وَعِيسَى)

بيان ما الَّذي امتنع في حديث:

(لَو أَنَّ اللهَ يُؤَاخِذُنِي وَعِيسَى)

ودفع شُبهة تمسَّك أهل الفتنة بها

الحمدلله وصلَّى الله وسلَّم على رسول الله.

وبعدُ جاء في الحديث: <لَو أَنَّ اللهَ يُؤَاخِذُنِي وَعِيسَى بِذُنُوبِنَا لَعَذَّبَنَا وَلَا يَظلِمُنَا شَيئًا> وللعُلماء في مثل هذا الحديث مذهبان:

الأوَّل: مذهب الجُمهور فيحملونه على ظاهره لأنَّ الأنبياء يجُوز عليهم (نادرًا) ذنب صغير لا خسَّة فيه لا يُقتدَى بهم فيه.

الثَّاني: مذهب الأقلِّ مِن العُلماء فيتأوَّلون الذَّنب إذا أُضِيف إلى الأنبياء في القُرآن الكريم أو الحديث الثَّابت بنحو ترك الأفضل.

وفي المذهبين فإنَّ لفظ (ذُنوب) في الحديث لا يقتضي الكثرة لأنَّ العرب لفصاحتهم يستعملون لفظ الجمع ويُريدون به المُثنَّى.

فإضافة الذَّنب ثابتة عند الجُمهور وعند غيرهم إنَّما الفرق أنَّ الجُمهور حملها على الحقيقة وغيرَهُم حملها على المجاز.

و(لو) حرف امتناع لامتناع. امتنع العذاب لامتناع المُؤاخذة. وأمَّا إضافة الذَّنب فلم تمتنع لا عند الجُمهور ولا عند غيرهم.

وذلك كما قال الله تعالَى: {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِم مَّا تَرَكَ عَلَيْهَا مِن دَابَّةٍ وَلَٰكِن يُؤَخِّرُهُمْ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى} الآية..

وكما قال تعالَى: {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَىٰ ظَهْرِهَا مِن دَابَّةٍ وَلَٰكِن يُؤَخِّرُهُمْ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى} الآية..

فامتنع أن يأخُذ الله تعالَى ما على الأرض لامتناع إرادة استعجال مُؤاخذة عُصاة بني آدم ولم يمتنع أنَّهُم عُصاة.

فظهر بُطلان مَن زعم امتناع إضافة الذَّنب في الحديث المذكور أوَّل المقال والله سُبحانه وتعالَى أعلم وأحكم.

نهاية المقال.

Jan 13, 2023 3:22:15am

*فريات أهل الفتنة على بعض مشايخ أهل السُّنَّة*

*في كلامه على حديث: <لَو أَنَّ اللهَ يُؤَاخِذُنِي وَعِيسَى> الحديث*

الحمدلله وصلَّى الله وسلَّم على رسول الله.

وبعدُ فقد ذكر الشَّيخ سمير القاضي حفظه الله أنَّ حديث: <لَو أَنَّ اللهَ يُؤَاخِذُنِي وَعِيسَى بِذُنُوبِنَا لَعَذَّبَنَا> إلخ.. على ظاهره عند الجُمهور لتجويزهم على الأنبياء (نادرًا) ذنب صغير لا خسَّة فيه يتوبون منه فورًا.

فتوهَّم أهل الفتنة أنَّ لفظ (ذُنوب) يقتضي الكثرة دائمًا فأنكروه وهُو في كلام الرَّسول! وزادوا على كلام الشَّيخ افتراء لفظ (كثيرة) غافلين أنَّ العرب تستعمل الجمع في المُثنَّى! حتَّى نبَّهناهُم واعترفوا بأنَّهُم مُفترون.

– في المُداخلة الأُولَى: رابط فيه الأدلَّة على أنَّ لفظ (ذُنوب) لا يقتضي الكثرة دائمًا.

ثُم زعموا إنَّ الإشارة بإصبَعَينِ يقتضي الكثرة! والصَّواب أنَّ ذلك يُفيد التَّقليل فكأنَّه قال: (لو عذَّبنا الله بذُنُوبنا مع كونها قليلة لا يكون ظالمًا) فافتُضِحُوا بأنَّهُم أرادوا إثبات أنَّ نبيَّنا أضاف الذُّنوب (الكثيرة) إلى الأنبياء!

– في المُداخلة الثَّانية: رابط فيه الأدلَّة على أنَّ الإشارة بإصبَعَينِ لا يقتضي الكثرة.

ثُمَّ افتروا فزعموا أنَّ الشَّيخ قال: (نبيُّنا ارتكب ذُنوبًا لو لم يتُب منها لعذَّبه الله) وإنَّما ذكر حفظه الله أنَّ نبيَّنا صلَّى الله عليه وسلَّم قال: (لو يُعذِّبُني اللهُ وعيسَى ما ظلمنا) وبين القولين فرق لا يخفَى على ذي بصر.

والشَّيخ علَّمنا أنَّ الأنبياء لا يترُكون التَّوبة لو صدر منهُم ذنب صغير لا خسَّة فيه.. وأنَّه لا يموت نبيٌّ وعليه ذنب صغير لا خسَّة فيه لم يتُب منه أو لم يُغفر له فكيف يُعذَّبون.. بل هُم أكثر أهل الآخرة نعيمًا.

وأمَّا أُولئك المُفترون أهل الفتنة مِن الجَهَلَة المُتصولحة (القراقيع) فأقول لهُم:

1. ضَلَلتُم عَن طَرِيقِ المُهتَدِينَا ~ وَكَفَّرتُم عِبَادًا عَارِفِينَا

2. فَبِئسَ القَومُ أَنتُم فِي البَرَايَا ~ حَيَاةً عِشتُمُوهَا غَافِلِينَا

3. وَكَانَ لَكُم مَعَ البُهتَانِ وَصلٌ ~ فَخُنتُم دِينَ رَبِّ العَالَمِينَا

4. وَلَم يَكُ فِي العُلُومِ لَكُم نَصِيبٌ ~ فَأَفتَيتُم ضَلَالًا جَاهِلِينَا

5. وَلَم يَكُ فِي الصَّلَاحِ لَكُم سَبِيلٌ ~ وَلَكِن كُنتُمُ المُتَصَولِحِينَا

6. عَبِثتُم بِالحَدِيثِ وَلَم تُبَالُوا ~ وَبِالقُرآنِ كُنتُم لَاعِبِينَا

7. أَلَا تَبَّت أَيَادِيكُم جَمِيعًا ~ بِمَا أَجرَمتُمُ شَرعًا وَدِينَا

8. طَلَبتُم بِالحَرَامِ عُلُوَّ مَجدٍ~ فَرَدَّكُمُ إِلَهِي خَائِبِينَا

9. رَضَعتُم مِن حِمَارِ الجَوفِ زَيغًا ~ وَكُنتُم عِندَهُ فِي الشَّارِبِينَا

10. وَلَو نَزَلَ الحِمَارُ سُفُولَ دَركٍ ~ لَكُنتُم دُونَهُ فِي السَّافِلِينَا

حل ألفاظ:

الدَّركُ وَالدَّرَكُ: أَقصَى قَعرِ الشَّيءِ.

السُّفُولُ: مَصدَرٌ وَهُوَ نَقِيضُ العُلُوِّ.

انتَهَى.

Jan 13, 2023 10:06:14am