لماذَا تجرَّأ أهل الفتنة على الطَّعن بالفقيه الحنفيِّ مُلَّا عليٍّ القاري

أهل الفتنة يشتُمون عُلماء أهل السُّنَّة والجماعة

لماذَا تجرَّأ أهل الفتنة على الطَّعن بالفقيه الحنفيِّ مُلَّا عليٍّ القاري

الحمدلله وصلَّى الله وسلَّم على رسول الله.

وبعدُ فقد تجرَّأ بريد أهل الفتنة على شتم الفقيه الحنفيِّ مُلَّا عليٍّ القاري فوصفه بالغباء وطعن به واتَّهمه في دينه ثُمَّ استعاذ بالله منه واحتمل عنده أنَّ الفقيه عليًّا القاري قد وقع في الكُفر والعياذ بالله! فهذا رأي أهل الفتنة بعُلماء أهل السُّنَّة والجماعة؛ وهكذا فضح هذا المُتفحِّش إخوانه الجَهَلَة.

ولماذَا تجرَّأ أهل الفتنة على الطَّعن بهذا الفقيه الحنفيِّ؟ الجواب: لأنَّه في كتابه [مرقاة المفاتيح] أوضح أنَّ قول الجُمهور في جواز الصَّغائر الَّتي لا خسَّة فيها على الأنبياء (عمدًا) لا ينافي إجماع الصَّحابة على التَّأسِّي برسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم في أقواله وأفعاله وسائر أحواله إلخ..

ولماذَا اعتبر عليٌّ القاري أنَّ قول الجُمهور لا يُخالف إجماع الصَّحابة على التَّأسِّي برسول الله عليه السَّلام؟ والجواب عند مُلَّا عليٍّ القاري: <لَكِنِ الْمُحَقِّقُونَ مِنْهُمُ اشْتَرَطُوا أَنْ يُنَبَّهُوا عَلَيْهِ فَيَنْتَهُوا عَنْهُ> انتهَى لأنَّ فائدته أنَّهُم يُنبَّهون فيرجعون عن تلك الصَّغائر قبل أنْ يقتدي بهم فيها أحد.

إنَّ عليًّا القاري أوضح أنَّ بعض العُلماء استدلُّوا بأنَّنا مأمورون بالاقتداء بالنَّبيِّ على القَول بالعصمة المُطلَقة؛ وأنَّ الجُمهور لا يجده دليلًا لقولهم إنَّ الأنبياء يُنبَّهون فورًا فلا يُقتدى بهم في تلك الصَّغائر فهذا الشَّرط يُزيل الإشكال؛ وهذا صريح أنَّ كلامهُم في صغيرة حقيقيَّة لا خسَّة فيها.

وقول مُلَّا عليٍّ القاري هذا مثل قول الشَّيخ الهرريِّ في [البُغية]: <بعض الأشاعرة قالوا لا يجوز مِن الأنبياء معصية ولا مكروه لأنَّ النَّاس مأمورون بالاقتداء بهم فلو كان يحصُل منهُم ذنب أو مكروه لكان في ذلك أمر للنَّاس بالاقتداء بهم في المعصية والمكروه وهذا باطل فوجب تنزيهُهُم عنِ المعصية والمكروه بالمرَّة. ويدفع هذا على قَول الجُمهور بأنَّهُم يُنبَّهون قبل أنْ يقتديَ بهم أحد فيتوبون فلا يحصُل اقتداءُ النَّاس بهم في ذلك فلا يلزم مِن ذلك أنْ يكون الأتباع مأمورين بالاقتداء بهم في المعصية والمكروه، وبذلك اندفع المحذور> انتهَى.

والخُلاصة أنَّ كلام شيخنا رحمه الله وافق كلام مَن سبقه مِن العُلماء في هذه المسألة فهُو على قَول الجُمهور أي على قَول أكثر العُلماء والمُفسِّرين فمَن ضلَّله فقد ضلَّل جُمهور عُلماء أهل السُّنَّة والجماعة بدليل ما نقله مُلَّا عليٌّ القاري عن مذهب الجُمهور فبئس أهلُ الفتنة والخذلان.

فكيف سمح أهل الفتنة لثرثارهم الأحمق بتضليل مُلَّا عليٍّ القاري؟ والجواب لأنَّهُم جَهَلَة مُتصَولحة لا يُريدون الدِّفاع عنِ الأنبياء عليهمُ السَّلام وإنَّما هُم عصابة مِن أهل الباطل استلُّوا سُيوف جهلهم ليُضلِّلوا جُمهور عُلماء أهل السُّنَّة والجماعة وليُبدِّعوهُم وليُفسِّقوهُم وليُكفِّروهُم والعياذ بالله.

وقد يحتجُّ الجاهل في دفاعه عن نفسه فيقول إنَّه توهَّم أنَّه كلامي أنا وليس كلام مُلَّا عليٍّ القاري، وهذا احتجاج باطل لأنَّه بهذا يكون أكَّد لكُلِّ عاقل أنَّه يطعن بأقوال العُلماء وليس بقول شيخنا الهرريِّ وحسب؛ فإنِ احتجَّ المفتون بهذا فقد كفانا ردَّه وكَشْف حقيقته وكفَى الله المُؤمنين القتال.

ونختم هذا المقال بإعادة نقل ما ذكره مُلَّا عليٌّ القاري في [مرقاة المفاتيح] ليتأمَّله كُلُّ مُنصف وليقف على حقيقة افتضاح جهل أهل الفتنة عليهم مِن الله ما يستحقُّون؛ وهذه ليست فضيحة واحد مِن أهل الفتنة وحسب فإنَّ بعضهُم يُشجِّعُه على غَيِّه والبقيَّة شياطين خُرس ساكتون عنه.

قال مُلَّا عليٌّ القاري في [مرقاة المفاتيح]: <وَقَالَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ: وَإِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ عَلَى التَّأَسِّي بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ وَسَائِرِ أَحْوَالِهِ حَتَّى فِي كُلِّ حَالَاتِهِ مِنْ غَيْرِ بَحْثٍ وَلَا تَفَكُّرٍ بَلْ بِمُجَرَّدِ عِلْمِهِمْ أَوْ ظَنِّهِمْ ذَلِكَ عَنْهُ دَلِيلٌ قَاطِعٌ عَلَى إِجْمَاعِهِمْ عَلَى عِصْمَتِهِ وَتَنَزُّهِهِ عَنْ أَنْ يَجْرِيَ عَلَى ظَاهِرِهِ أَوْ بَاطِنِهِ شَيْءٌ لَا يُتَأَسَّى بِهِ فِيهِ مِمَّا لَمْ يَقُمْ دَلِيلٌ عَلَى اخْتِصَاصِهِ بِهِ اهــ. وَالْجُمْهُورُ جَوَّزُوا وُقُوعَ الْكَبَائِرِ سَهْوًا وَالصَّغَائِرِ عَمْدًا، لَكِنِ الْمُحَقِّقُونَ مِنْهُمُ اشْتَرَطُوا أَنْ يُنَبَّهُوا عَلَيْهِ فَيَنْتَهُوا عَنْهُ، فَعَلَى هَذَا قَوْلُ الْجُمْهُورِ لَا يُنَافِي الْإِجْمَاعَ الْمَذْكُورَ> انتهى كلام مُلَّا عليٍّ القاري.

انتهَى.

Jun 26, 2021, 6:53 AM