دليل الحدوث ورد شبهة ابن تيمية – شيخ الشافعية أبو العباس أحمد الطبري – كلام أبي القاسم التيمي أن الأفول يفيد التغير

شيخ الشافعية أبو العباس أحمد الطبري المعروف بابن القاص المتوفى سنة 335 هجري

في ما يلي مقتطف من كتاب نصرة القولين لابن القاص الشافعي فسر فيه مناظرة سيدنا ابراهيم عليه السلام لعبدة الكواكب بنفس تفسير الأشاعرة، وأن المتغير لا يصلح أن يكون إلها.

وهذا التفسير نقله أيضا الفيروزآبادي في تفسير تنوير المقباس في تفسير ابن عباس ،وهو جمع لروايات السدي عن الكلبي عن ابي صالح عن ابن عباس، قال : ” {فلما جن عليه الليل} في السرب {رأى كوكبا} وهي الزهرة {قال هذا ربي} أترى هذا ربي {فلمآ أفل} غاب وتغير عن حاله إلى الحمرة {قال لا أحب الآفلين} ربا ليس

بدائم {فلمآ رأى القمر بازغا} طالعا {قال هذا ربي} أترى هذا ربي هذا أكبر من الأول {فلمآ أفل} غاب وتغير {قال لئن لم يهدني ربي} لم يثبتني ربي على الهدي {لأكونن من القوم الضالين} عن الهدى {فلما رأى الشمس بازغة} طالعة قد ملأت كل شيء {قال هذا ربي} أترى هذا ربي {هذا أكبر} من الأول والثاني {فلمآ أفلت} غابت وتغيرت قال إبراهيم إني لا أحب الآفلين ربا ليس بدائم لئن لم يهدني ربي لم يثبتني ربي لأكونن من القوم الضالين عن الهدى مقدم ومؤخر ويقال قال هذا ربي على معنى الاستهزاء لقومه لأن قومه كانوا يعبدون الشمس والقمر والنجوم فأنكر عليهم فاستهزأ بهم وقال لهم أمثل هذا يكون الرب فلما خرج من السرب وجاء إلى قومه وهو يؤمئذ ابن سبع عشرة سنة نظر إلى السماء والأرض فقال ربي الذي خلق هذا “. انتهى

والسدي والكلبي وابو صالح وان كانوا متهمين بالكذب في الروايات غير أنه لا خلاف على سعة معرفتهم بلغة العرب .

ملاحظة: سواء أفاد الأفول التغير أو الحركة فكلاهما منفي على الله.

رابط ذو علاقة:

كلام أبي القاسم التيمي أن الأفول يفيد التغير

https://www.facebook.com/share/p/16UyoeaMa3/

دليل الحدوث

https://www.facebook.com/share/16BAzikA9d/

تأويلات ابي القاسم التيمي الملقب بقوام السنة الأصبهاني

فسر أبو القاسم التيمي في كتابه الايضاح قوله تعالى : لا أحب الآفلين . بنفس تفسير الأشاعرة، فالمتصف بالأفول هو المتغير ، و غير الدائم.

كما فسر قوله تعالى: ” أو يأتي ربك”، قال بلا كيف، ونقل عن قتلدة تأويل ذلك بيوم القيامة.

وفسر قوله تعالى: (“فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللّهِ” – البقرة:115-

قال القتبي: أي: فثمَّ اللهُ يعلمُ.، وقيل: هو كقوله: ” كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ” -القصص: 88- أي: إلا هو. وقوله تعالى: “وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ” -الرحمن: 27- وقال مجاهدٌ: فثمَّ قبلةُ اللهِ.

راجع ترجمته هنا:

https://www.facebook.com/share/1HKLKdUZfG/

أبو القاسم إسماعيل بن محمد التيمي الأصبهاني

لقد كان أبو القاسم إسماعيل بن محمد التيمي الجوزي الطلحي الأصبهاني حافظا عالما بالتفسير و العربية و الأدب لكنه تغير في آخر حياته و ساء حفظه وصار ينسب لكبار أئمة السلف ما لم يقولوه. وقد اتصل في آخر حياته ببعض أهل البدع من الحشوية فتأثر بهم و قال بمقالاتهم .وقد اشتهر اسماعيل بن محمد التيمي بتصريحه بنزول الله بالذات وهو مشهور في مذهبه كما ذكر عنه ذلك أبو موسى المديني. وقد جرى له بسبب ذلك فتنة وخصام مع بعض العلماء كما ذكر ذلك ابن رجب في كتابه فتح الباري. و لعل هذه الفتنة كانت سبب شهرته بين المجسمة، فقد قال الذهبي في السير:”إنما اشتهر قبل موته بعشرين عاما”. انتهى
وقد أُصمت أبو القاسم التيمي و اعتقل لسانه سنة 534 هجري ثم فلج بعد مدة وتوفي سنة 535 هجري

وقد أطلق عليه بعض المجسمة اسم “قوام السنة” وهو في حكم القبوري عندهم ، فقد ذكر الذهبي في “تذكرة الحفاظ” جزء 4 صحيفة 1279 رقم1075 و في “سير أعلام النبلاء” جزء 20 صحيفة 83 عند ترجمته ما نصه: “وسمعت بعض أصحابه أنه كان يملي شرح صحيح مسلم عند قبر ولده أبي عبد الله ، ويوم تمامه عمل مائدة وحلاوة كثيرة” انتهى
وكلام التيمي في الجرح و التعديل لا يُعتد به لأنه يقدح في غيره بأدنى شيء ينكره فقد قال ابن رجب الحنبلي في ذيل طبقات الحنابلة عند ترجمة أبي القاسم عبد الرحمن بن مندة ما نصه: ” فإن الأنصاري و التيمي وأَمثالهما يقدحون بأدنى شيء ينكرونه من مواضع النزاع”. انتهى

ذكر بعض من أثنى عليه
لقد أثنى بعض العلماء على أبي القاسم التيمي. وهؤلاء على أقسام:
1/ منهم من أثنى عليه ولم يعلموا بحاله الذي صار إليه: و من هؤلاء:
*الحافظ أبو بكر محمد ابن أبي نصر شجاع بن أحمد بن علي اللفتواني الأصبهاني المتوفى سنة 533 هجري فقد أثنى على اسماعيل التيمي لأنه عاشره في أول طلبه للعلم و تخرجه قبل أن تظهر منه تلك المقالات في التجسيم, فقد نقل عنه الرافعي في كتاب التدوين في أخبار قزوين جزء 2 صحيفة 302-303 أنه قال في بعض أماليه: “شيخنا الحافظ إسماعيل إمام المائة الخامسة، أقام بأصبهان أكثر من ثلاثين سنة، قبل الخمسمائة، ونحو ذلك بعد الخمسمائة، يُعلّم الناس فنون العلم حتى صدروا عنه، برينبوي الاسم و الكنية،قرشي الحسب والنسب، من أولاد طلحة بن عبدالله، أستاذي الذي عليه قرأت، وفي حجره نشأت، ومن عشه درجت،وعلى يده تخرجت. كان يحلني محل الولد، والعضو من الجسد، إن قلت فيه أنه الشيباني في زمانه ما أنبأت إلا عن الصدق،أو ادعت أنه الثوري في أوانه ما تخطيت خطه الحق،جزاه الله عنا أفضل ما جزاه عالما من متعلم ،ورحمنا وإياه”. انتهى
* أبو عامر محمد بن سعدون القرشي العبدري الاندلسي المتوفى سنة 524 هجري: نقل عنه الذهبي في السير أنه قال:”ما رأيت أحدا قط مثل إسماعيل، ذاكرته ، فرأيته حافظا للحديث ، عارفا بكل علم ، متفننا ” انتهى

2/ ومنهم من أثنى عليه قبل تغير حاله و تصريحه بالتجسيم: ومن هؤلاء:

*أبو موسى المديني المولود سنة 501 هجري: أثنى عليه أول الأمر قبل أن تظهر منه شطحات التجسيم فقال عنه:
: “أبو القاسم إسماعيل الحافظ إمام أئمة وقته، وأستاذ علماء عصره، وقدوة أهل السنة في زمانه حدثنا عنه جماعة في حال حياته” نقله الذهبي في السير
وقال أيضا: “ولا أعلم أحدا عاب عليه قولا و لافعلا، ولاعانده أحد إلا ونصره الله،وكان نزه النفس عن المطامع، لايدخل على السلاطين، ولا على من اتصل بهم، قد أخلى دارا من ملكه لأهل العلم مع خفة ذات يده، ولو أعطاه الرجل الدنيا بأسرها لم يرتفع عنده، أملى ثلاثة آلاف وخمسمائة مجلس، وكان يملي على البديهة”. انتهى
وقد بالغ أبو موسى المديني في اطراء أبي القاسم التيمي, فقد نقل الذهبي عنه أنه قال:”لاأعلم أحدا في ديار الإسلام يصلح لتأويل الحديث إلا إسماعيل الحافظ”
فتعقبه الذهبي: “قلت : وهذا تكلف ; فإنه على رأس المائة الخامسة ما اشتهر، إنما اشتهر قبل موته بعشرين عاما” انتهى

والراجح أن هذه الشهرة سببها ما جرى له من خصومة مع بعض العلماء بسبب مقالاته في العقيدة كما ذكر ابن رجب. أي أن معتقده الفاسد في التجسيم بدأ يظهر للناس منذ حوالي 515 هجري أو 516 هجري.
وقبل هذه الفترة كان على عقيدة التنزيه لم يُنكر عليه أحد شيء في أصول الدين فقد قال أبو موسى المديني: ” وقد قرأ عدة ختمات بقراءات على جماعة، وأما علم التفسير، والمعني، والإعراب، فقد صنف فيه كتابًا بالعربية والفارسية، وأما علم الفقه فقد شهرت فتاويه في البلد والرساتيق، بحيث لم ينكر أحدٌ شيئا من فتاويه في المذهب، وأصول الدين، والسنة”. انتهى
وقد نقل أبو موسى المديني بعد ذلك مقالات التيمي في التجسيم و ليس فيها ما يدل على أنه موافق له في مذهبه الفاسد

أما ما قاله المجسم ابن القيم في اجتماع جيوشه و شيخه المشبه ابن تيمية الحراني في نقض التأسيس أن المديني ألف كتابا في ذكر مناقب أبي القاسم التيمي فهو مجرد دعوى باطلة لا أساس لها من الصحة و غاية ما في الأمر أن ناسخا مجهولا ذكر ذلك في حواشي بعض الكتب. فقد قال الحسين بن محمد الشواط محقق كتاب “الإيمان من إكمال المعلم بفوائد صحيح مسلم للقاضي عياض” في حاشية الصحيفة 784 – الجزء الأول طبعة دار الوطن, الطبعة الأولى- في تعليقه على قول القاضي عياض ” وقد زل من لم يُحصل كلامه ممن تقدم في هذا الباب فأثبت صورة لا كالصور و هذ تناقض و تجسيم محض نعوذ بالله”.
قال ما نصه: “وقال محمد الشهوان ضمن تعليقه على موقف ابن خزيمة من حديث الصورة: وُجد بحاشية النسخة التيمورية حاشية قال ناسخها: هذه الحاشية منقولة من الكتاب الذي كُتب منه هذا الكتاب: قال الحافظ أبو موسى المديني فيما جمعه من مناقب الإمام قوام السنة أبي القاسم اسماعيل بن محمد التيمي سمعته يقول “أخطأ محمد بن اسحاق ابن خزيمة في حديث الصورة و لا يُطعن عليه في ذلك” انتهى

* أبو عبد الله محمد بن عبد الواحد الأصبهاني الدقاق المتوفى سنة 516 هجري: نقل الذهبي عنه أنه قال : “كان أبو القاسم عديم النظير، لا مثل له في وقته، كان ممن يضرب به المثل في الصلاح والرشاد”. انتهى

*أبو زكريا يحيى بن عبدالوهاب بن محمد ابن إسحاق بن محمد بن يحيى بنمنده المتوفى سنة 511هجري: فقد نقل الذهبي في السير عنه أنه قال”كان أبو القاسم حسن الاعتقاد، جميل الطريقة، قليل الكلام، ليس في وقته مثله”. انتهى

* أبو الحسين بن الطيوري المتوفى سنة 500 هجري: فقد نقل الذهبي عن السلفي أنه سمعه غير مرة يقول : “ما قدم علينا من خراسان مثل إسماعيل بن محمد”. انتهى
* والد أبو سعد السمعاني: فقد نقل الذهبي في السير عن السمعاني أنه قال:”و كان أبي يقول : ما رأيت بالعراق من يعرف الحديث ويفهمه غير اثنين : إسماعيل الجوزي بأصبهان، والمؤتمن الساجي ببغداد” . انتهى

3/ ومنهم من مدحه على تبحره في الحديث و التفسير و اللغة و الأدب دون المعتقد:
ومن هؤلاء نذكر:
* أبو طاهر السلفي المتوفى سنة 576 هجري :نقل عنه الذهبي أنه قال: “هو فاضل في العربية ومعرفة الرجال” انتهى
*تلميذه أبو سعد السمعاني المتوفى سنة 562 هجري: فقدنقل الذهبي في السير عنه أنه قال: “أبو القاسم هو أستاذي في الحديث، وعنه أخذت هذاالقدر، وهو إمام في التفسير والحديث واللغة والأدب، عارف بالمتون والأسانيد، كنت إذاسألته عن المشكلات، أجاب في الحال”. انتهى
ولما ساء حفظه قال عنه: ” وسمعت أبا القاسم الحافظ بدمشق يثنى عليه، وقال رأيته وقد ضعف وساء حفظه ” انتهى
ولأجل هذا التغير الذي طرء عليه في حفظه رجح عليه ابن عساكر الشيخ أبا نصر الحسن بن محمد اليونارتي. فقد قال الذهبي أيضا في السير: ” وقد ذكر أبو القاسم بن عساكر أبا نصر الحسن بن محمد اليونارتي الحافظ ، فرجحه على أبي القاسم إسماعيل ، فالله أعلم ، وكأن ابن عساكر لما رأى إسماعيل بن محمد وقد كبر ونقص حفظه ، قال هذا”. انتهى
و ابن عساكر هو تلميذ التيمي ومعاصره.

*أبوالمناقب محمد بن حمزةالعلوي المتوفى سنة 532 هجري: نقل عنه الذهبي في السير أنه قال: “حدثن االإمام الكبير،بديع وقته،وقريع دهره،أبوالقاسم إسماعيل بن محمد . . . فذكر حديثا”. انتهى

4/ ومنهم من أثنى على عقيدته مع علمه بمقالاته في التجسيم لأنه كان موافقا له في ذلك: ومن هؤلاء:
*عبد الجليل بن محمد الاصبهاني الملقب”كوتاه” المتوفى سنة 553 هجري : قال الذهبي في السير: “قال عبد الجليل كوتاه : سمعت أئمة بغداد يقولون : ما رحل إلى بغداد بعد الإمام أحمدأفضل ولاأحفظ من إسماعيل” انتهى

وقد تعقبه الذهبي بقوله: “قلت : هذاقول من لا يعلم” انتهى

وعبد الجليل كوتاه من أئمة المجسمة . قال ابن رجب الحنبلي في ذيل طبقات الحنابلة عند ترجمة أبي القاسم عبد الرحمن بن مندة:” هجر التيميُّ عبدَ الجليل الحافظَ كُوتاه على قوله: “ينزل بالذات” وهو في الحقيقة يُوافقه على اعتقاده، لكن أنكر إطلاقَ اللفظ لعدم الأثر به ” انتهـى.
*شمس الدين الذهبي حيث قال في السير: “الإمام العلامة الحافظ ، شيخ الإسلام”. انتهى

عقيدته
لقد كان أبو القاسم التيمي أول أمره على عقيدة أهل السنة و الجماعة في التنزيه و مجانبة أهل الأهواء و البدع وتنزيه الله عن الكيفية و الكمية، فقد نقل عنه الإمام بن حجر العسقلاني في فتح الباري 13 / 344, 345 في أول كتاب التوحيد ما نصه: “و قال أبو القاسم التيمي في كتاب الحجة: ” التوحيد مصدر وحد يوحد و معنى وحدت الله: اعتقدته منفردا بذاته و صفاته لا نظير له و لا شبيه. و قيل معنى وحدته علمته واحدا, و قيل سلبت عنه الكيفية و الكمية, فهو واحد في ذاته لا انقسام له و في صفاته لا شبيه له و في إلهيته و ملكه و تدبيره لا شريك له و لا رب سواه”. انتهى.

ثم تأثر تأثر التيمي في آخر عمره بعقيدة المجسمة و بدأ معتقده الفاسد يظهر للناس في أواخر سنة 515 هجري .
قال الحافظ ابن رجب في فتح الباري 279\9 لما تكلم على حديث النزول ما نصه:” وهؤلاء؛ منهم من يقول : ينزل بذاته،كابن حامد من أصحابنا . وقد كان الحافظ إسماعيل بن التميمي الأصبهاني الشافعي يقول بذلك، وجرى بينه وبين طائفة من أهل الحديث بسببه فتنة وخصام ” انتهى.
قال الذهبي في السير: “فإنه على رأس المائة الخامسة ما اشتهر،إنما اشتهر قبل موته بعشرين عاما” انتهى
والراجح أن هذه الشهرة سببها ما جرى له من خصومة مع علماء أهل السنة بسبب مقالاته في التجسيم.

1- قوله بنزول الله بذاته
كان أبو القاسم التيمي يثبت النزول الحسي لله تعالى فقد قال الحافظ ابن رجب في الفتح في معرض كلامه عن عن طائفة من أهل الحديث المثبتين لنزول الله: “وهؤلاء ؛ منهم من يقول : ينزل بذاته ، كابن حامد من أصحابنا. وقد كان الحافظ إسماعيل من التميمي الأصبهاني الشافعي يقول بذلك ، وجرى بينه وبين طائفة من أهل الحديث بسببه فتنة وخصام. قال الحافظ أبو موسى المديني : كان من اعتقاد الإمام إسماعيل أن نزول الله تعالى بالذات ، وهو مشهور من مذهبه ؛ لكنه تكلم في حديث نعيم بن حماد الذي رواه بإسناده في النزول بالذات. قالَ : وهو إسناد مدخول ، وفيه مقال ، وفي بعض رواته مطعن ، ولا تقع بمثله الحجة ، فلا يجوز نسبة قوله إلى رسول الله”. انتهى
وقال ابن رجب الحنبلي في ذيل طبقات الحنابلة عند ترجمة أبي القاسم عبد الرحمن بن مندة:”فإن الأنصاري والتيمي وأَمثالهما يقدحون بأدنى شيء ينكرونه من مواضع النزاع، كما هجر التيميُّ عبدَ الجليل الحافظَ كُوتاه على قوله: “ينزل بالذات” وهو في الحقيقة يُوافقه على اعتقاده، لكن أنكر إطلاقَ اللفظ لعدم الأثر به ” انتهـى.
وهذا تصريح من ابن رجب أن التيمي كان يقول بنزول الله بذاته ولكنه كان ينكر اطلاق اللفظ فقط.
و قال الذهبي في تاريخ الاسلام: “وكان من اعتقاد الإمام إسماعيل أنّ نزول الله تعالى بالذّات وهو مشهور من مذهبه , قد كتبه في فتاوى عدَّة , وأملى فيه أمال , إلّا أنّه كان يقول : وعلى بعض رُواته مطعن”. انتهى
و نقل المجسم ابن القيم فى”مختصر الصواعق ج2ص366و367″ ما نصه:”وقال الحافظ أبوموسى المديني في مناقب الامام أبي القاسم اسماعيل بن محمد التيمي الذي جعله مجددا للدين فى راس المائة الخامسه قال:وكان من اعتقاد الامام اسماعيل بن محمد أن نزول الله بالذات وهو مشهور في مذهبه وقد كتبه فى فتاو عديدة وأملى فيه املاء إلا أنه كان يقول اسناد حديث نعيم بن حماد مدخول وفيه مقال ومراده بحديث نعيم بن حماد عن جرير بن عبدالحميد‏,‏ عن بشر‏عن أنس‏ يرفعه قال‏:‏ ‏”‏إذا أراد اللّه أن ينزل عن عرشه نزل بذاته‏”. قلت– أي ابن القيم -:وهذا الفظ لايصح عن النبى صلى الله عليه وسلم ولايحتاج إثبات هذا المعنى إليه فالاحاديث الصحيحة صريحة وان لم يذكر فيها لفظ الذات” انتهى

وليس للأبي موسى المديني كتاب في مناقب أبي القاسم التيمي كما زعم هذا المجسم بل أخذ ذلك من كلام أحد النساخ المجهولين حيث نسب في حواشيه على بعض الكتب ذلك الكتاب لأبي موسى المديني.

2- انكاره للتأويل
قال إسماعيل بن محمد التيمي في كتابه الحجة في بيان المحجة:”قال علماء السلف: مذهب مالك والثوري والأوزاعي والشافعي وحماد ابن سلمة وحماد بن زيد وأحمد ويحيى بن سعيد القطان وعبد الرحمن بن مهدي وإسحاق بن راهويه أن صفات الله التي وصف بها نفسه ووصفه بها رسوله من السمع والبصر والوجه واليدين وسائر أوصافه إنما هي على ظاهرها المعروف المشهور من غير كيف يتوهم فيها ولا تشبيه ولا تأويل ، قال ابن عيينة كل شيء وصف الله به نفسه فقراءته تفسيره”
ثم قال : “أي هو هو على ظاهره لا يجوز صرفه إلى المجاز بنوع من التأويل” انتهى
وقال:”دليل آخر ، أن من حمل اللفظ على ظاهره ، وعلى مقتضى اللغة حمله على حقيقته ، ومن تأوله عدل به عن الحقيقة إلى المجاز ، ولا يجوز إضافة المجاز إلى صفات الله وتعالى”. انتهى

3-كلامه عن الحد
نقل الذهبي في السير ما نصه: “و قدسئل أبو القاسم التيمي رحمه الله : هل يجوز أن يقال : لله حدأ ولا؟ وهل جرى هذا الخلاف في السلف؟ فأجاب : هذه مسألة أستعفي من الجواب عنها لغموضها، وقلة وقوفي على غرض السائل منها، لكني أشير إلى بعض ما بلغني، تكلم أهل الحقائق في تفسير الحد بعبارات مختلفة، محصولها أن حد كل شيء موضع بينونته عن غيره،فإن كان غرض القائل : ليس لله حد : لايحيط علم الحقائق به،فهو مصيب، وإن كان غرضه بذلك : لايحيط علمه تعالى بنفسه فهو ضال، أو كان غرضه أن الله بذاته في كل مكان فهو أيضا ضال” انتهى

4-كلامه عن الاستواء
نقل الذهبي في السير ما نصه: “قال أبو موسى المديني : سألت إسماعيل يوما : أليس قد رُوي عن ابن عباس في قوله ” استوى ” : قعد؟ قال : نعم . قلت له : إسحاقا بن راهويه يقول : إنما يوصف بالقعود من يمل القيام . قال : لا أدري أيشي قول إسحاق”.انتهى
و ظاهر صنيع ابن راهويه المتوفى سنة 238 هجري انكاره لمثل هذه الأحاديث الواهية المنسوبة لابن عباس و التي لا تبلغ أن يُحتج بها في العقائد. فكيف يُعرض عن انكار السلف لهذا التفسير ويُقبل كلام التيمي المتوفى سنة 535 هجري.

5- انكاره نسبة الكيف لله
قال إسماعيل بن محمد التيمي في كتابه الحجة في بيان المحجة جزء 1 صحيفة 183 ما نصه: “باب : قال علماء السلف: جاءت الأخبار عن النبي متواترة في صفات الله تعالى موافقة لكتاب الله تعالى نقلها السلف على سبيل الإثبات والمعرفة والإيمان به والتسليم وترك التمثيل والتكييف وأنه عز وجل أزلي بصفاته وأسمائه التي وصف بها نفسه أو وصفه الرسول الحجة في بيان مدحه بذلك وصدق به المصطفى وبين مراد الله فيما أظهر لعباده من ذكر نفسه وأسمائه وصفاته وكان ذلك مفهوما عند العرب غير محتاج إلى تأويله” انتهى

و قال في ” الحجة ” أيضا:”ولا نكيف صفات الله عز وجل ، ولا نفسرها تفسير أهل التكييف و التشبيه ، و لا نضرب لها الأمثال ، بل نتلقاها بحسن القبول تصديقاً”. انتهى

6- كلامه عن العلو:
قال إسماعيل التيمي في الحجة في بيان المحجة: “وعند المسلمين أن لله عز وجل علو الغلبة والعلو من سائر وجوه العلو لأن العلو صفة مدح فثبت أن لله تعالى علو الذات وعلو الصفات وعلو القهر والغلبة”. انتهى

7-كلامه عن مسألة اللفظ

قال أبو القاسم إسماعيل بن محمد بن الفضل التيمي الأصبهاني في كتابه الحجة في بيان المحجة ما نصه:”قال – أبو عمرو بن منده-: “وحدثنا والدي، أنا أحمد بن محمد بن إبراهيم، نا أبو حاتم الرازي قال: من كلام جهم بن صفوان وحسين الكرابيسي وداود بن علي أن لفظهم بالقرآن مخلوق، وأن القرآن المنزل على نبينا صلى الله عليه وسلم مما جاء به جِبْرِيل الأمين حكاية، فجهمهم أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل وتابعه على تجهيمهم علماء الأمصار طراً أجمعون، لا خلاف بينهم في ذلك”. انتهى
وهذا الأثر لا يثبت عن أبي حاتم الرازي لأن السند فيه:
1- أبو القاسم الأصبهاني: كان حافظا ثقة لكنه تغير في آخر حياته و ساء حفظه. فقد نقل الذهبي في السير عن تلميذه أبي سعد السمعاني أنه قال: “وسمعت أبا القاسم الحافظ بدمشق يثنى عليه، وقال رأيته وقد ضعف وساء حفظه ” انتهى
و قال الذهبي أيضا في السير: ” وقد ذكر أبو القاسم بن عساكر أبا نصر الحسن بن محمد اليونارتي الحافظ ، فرجحه على أبي القاسم إسماعيل ، فالله أعلم ، وكأن ابن عساكر لما رأى إسماعيل بن محمد وقد كبر ونقص حفظه ، قال هذا”. انتهى
و ابن عساكر هو تلميذ التيمي ومعاصره.
وقد اتصل التيمي في آخر حياته ببعض أهل البدع من الحشوية فتأثر بهم و قال بمقالاتهم و جرى له بسبب تصريحه بنزول الله بالذات فتنة وخصام مع بعض العلماء، كما أشار لذلك ابن رجب في كتابه فتح الباري حيث قال : “وهؤلاء ؛ منهم من يقول : ينزل بذاته ، كابن حامد من أصحابنا. وقد كان الحافظ إسماعيل من التميمي الأصبهاني الشافعي يقول بذلك ، وجرى بينه وبين طائفة من أهل الحديث بسببه فتنة وخصام”. انتهى
و لعل هذه الفتنة كانت سبب شهرة التيمي بين المجسمة، فقد قال الذهبي في السير:”إنما اشتهر قبل موته بعشرين عاما”. انتهى

2- أبو عمرو عبد الوهاب بن أبي عبد الله بن منده: حافظ ثقة ولد سنة 388 هجري و أكثر السماع من أبيه وهو صبي دون السابعة. وهذا السماع لا يُعتد به عند جمع من العلماء لأنه دون سن البلوغ وهو قول يحي بن معين و ابن المبارك و أبي منصور محمد بن المنذر بن محمد المراكشي الفقيه الشافعي وغيرهم
3- أبو عبد الله محمد بن إسحاق بن منده المتوفى سنة 395 هجري: حافظ لكن له أوهام كثيرة، و قد اختلط في آخر عمره فنسب إلى جماعة أقوالا في المعتقدات لم يعرفوا بها. فقد قال الحافظ ابن حجر في لسان الميزان : “و قال ابن عساكر: عد الدارقطني هذا من أوهام ابن منده لأن الذي في الكتاب هو الصواب. وهذا من أيسر أوهام ابن منده فإن له في معرفة الصحابة أوهاما كثيرة”. انتهى
ونقل ذلك أيضا الذهبي في السير. و قال أبو نعيم في تاريخه: “حافظ من أولاد المحدثين، مات في سلخ ذي القعدة سنة خمس وتسعين وثلاث مِئَة، اختلط في آخر عمره فحدث، عَن أبي أسيد وعبد الله بن أخي أبي زرعة، وَابن الجارود بعد أن سمع منه أن له عنهم إجازة وتخبط في أماليه ونسب إلى جماعة أقوالا في المعتقدات لم يعرفوا بها”.
انتهى
وابن منده مجسم صرف أيضا. له كتاب الرد على الجهمية قال فيه: “ذكر ما يستدل به من كلام النبي صلى الله عليه و سلم على أن الله جل وعز خلق آدم عليه السلام بيدين حقيقة ” انتهى
و قال عنه الذهبي في السير: “وإذا روى الحديث وسكت ، أجاد ، وإذا بوب أو تكلم من عنده ، انحرف، وحرفش”. انتهى.
وقد حاول الذهبي رد ما قاله أبو نعيم عن ابن منده وزعم أنه طعن في حفظه بسبب التنازع في الاعتقاد، وكلامه إن صح فإنه ينبغي بالأولى رد ما ينقله ابن منده من طعون في الأشاعرة و في ما يتعلق بمسألة اللفظ و غيره.
قال الذهبي في السير عند ترجمة لأبي نعيم: “قد كان أبو عبد الله بن منده يقذع في المقال في أبي نعيم لمكان الاعتقاد المتنازع فيه بين الحنابلة وأصحاب أبي الحسن ، ونال أبو نعيم أيضا من أبي عبد الله في ” تاريخه ” ، وقد عرف وهن كلام الأقران المتنافسين بعضهم في بعض”. انتهى
ويكفي لبيان وهن هذه القاعدة التي قالها الذهبي ما ذكره الشيخ محمد عبد الحي الأنصاري اللكنوي المتوفى سنة 1304 هجري في الرفع والتكميل :” قَد صَرَّحُوا بِأَنَّ كَلِمَاتِ المُعَاصِرِ فِي حَقِّ المُعَاصِرِ غَيرُ مَقبُولَةٍ, وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا إِذَا كَانَت بِغَيرِ بُرهَانٍ وَحُجَّةٍ, وَكَانَت مَبنِيَّةً عَلَى التَّعَصُّبِ والمُنَافَرَةِ, فَإِن لَم يَكُن هَذَا وَلا هَذَا فَهِيَ مَقبُولَةٌ بِلا شُبهَةٍ وَلِذَلِكَ لَم يُقبَل قَولُ الإِمَامِ مَالِكٍ فِي مُحَمَّدِ بنِ إَسْحَاق صَاحِبِ المَغَازِي, وَلَم يُقبَلْ قَدحُ النَّسَائيِّ فِي أَحْمَد بنِ صالِحٍ المِصرِيِّ, وَقَدحُ الثَّورِيِّ فِي أَبِي حَنِيفَةَ, وَقَدحُ ابن مَعِينٍ فِي الشَّافِعِيِّ, وقَدحُ ابن مَندَهْ فِي أَبِي نُعَيمٍ, وَغَيرِهِم فِي غَيرِهِم”. انتهى

4- أحمد بن محمد بن إبراهيم أبو عمرو المديني الأصبهاني يعرف بِابن مَمَّك ترجم له ابن عساكر في تاريخ دمشق والحافظ أبو نعيم الأصبهاني في ذكر رجال أصبهان وقال عنه : كان أديبا فاضلاً حسن المعرفة بالحديث. و قال عنه الذهبي في السير: محدث رحال صدوق

دليل الحدوث ورد شبهة ابن تيمية

الاستدلال بالتغير على حُدُوث المُتغيِّرِ هي طريقة أهل السنة الأشاعرة لاثبات وجود الله تعالى،
وهذه المسألة لها أصل من القرآن منها قول الله تعالى: “والنَّجْمِ إذَا هَوَى” – النجم:1 – وفيه تقييد بوقت الهويِّ و أن النجم يغيب بعد ظهوره كما نقل ذلك القرطبي في تفسيره حيث قال: “وهو قول الحسن قال: أقسم الله بالنجوم إذا غابت”, ومنها ما جاء عن سيدنا ابراهيم أنه قال: “لا أحِبُّ الآفلينَ” الأنعام- 76

وهذا من أظهر الأدلة على أن الصانع لا يوصف بتغيير ولا حركة أو سكون. وقد حاول المجسم ابن تيمية إبطال دلالة التغير والحركة والسكون على حدوث موصوفها، فقال في مجموع الفتاوى: “فقد أخبر الله في كتابه أنه من حين بزغ الكوكب والقمر والشمس وإلى حين أفولها لم يقل الخليل : لا أحب البازغين ولا المتحركين ولا المتحولين ولا أحب من تقوم به الحركات ولا الحوادث ولا قال شيئا مما يقوله النفاة حين أفل الكوكب والشمس والقمر . ” انتهى

فابن تيمية زعم أنه لو كانت الحركة والسكون دليلا على الحدوث لما انتظر إبراهيم أفولها ليعلن عدم استحقاقها للألوهية. والجواب على ذلك ظاهر وهو إعلان عدم استحقاقها للألوهية اقترانا مع أفولها كليا زيادة في قوة الحجة وإجهازا كليا على حجة الخصم الذي يعتقد فيها التأثير المقترن بظهورها. والله مدح ابراهيم على ذلك بقوله ” وتلك حجتنا ٱتيناها ابراهيم”. وبهذا يندفع كلام ابن تيمية الذي تمسّك به.

ولا يخفى أن هذه الطريقة هي طريقة فحول العلماء كقتادة بن دعامة السدوسي المتوفى سنة 118 هـجري فقد قال الحافظ الطبري في جامع البيان جزء 9 صحيفة 356 عند تفسيره لقول الله تعالى: “فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ” – الأنعام, الآية 76 – ما نصه: “حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة : ” فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لا أُحِبُّ الآفِلِينَ “، علم أن ربّه دائم لا يزول” انتهى
ونقله ابن أبي حاتم الرازي في تفسيره في الجزء 4 صحيفة

وذهب أبو إسحاق الزجاج الحنبلي المتوفى سنة 311 هـجري إلى أنّ اتصاف الشيء بالحَدَث دليلٌ على أنّه مُحدَث، وما كان مُحدَثاً فليس بإله، وأورد تلك القاعدة عند ذكره قصة سيدنا إبراهيم عليه السلام مع النمرود، حيث قال في معاني القرآن 2/288 ما نصه:” قَالَ لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ, أي لا أحب من كانت حالته أن يطلع وَيسِير على هيئةٍ يُتبين معها أنه محدَث، منتقل من مكان إلى مكان، كما يَفْعَلُ سائرُ الأشياءِ التي أجمعتم معي على أنها ليست بآلهة، أي لا أتخِذُ ما هذه حالُه إلهاً، كما أنكم لا تتخذون كل ما جرى مجرى هذا من سائر الأشياءِ آلِهة”. انتهى

و قال أبو القاسم اللالكائي المتوفى سنة 418 هجري في كتابه المسمى “شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة” جزء 1 صحيفة 195 ما نصه: ” قد استدلّ إبراهيم ـ عليه السلام ـ بأفعاله ـ تعالى ـ المحكمة المتقنة على وحدانيته، بطلوع الشمس وغروبها، وظهور القمر وغَيْبَتِه، وظهور الكواكب وأفُولِها”. انتهى

و قال القاضي مجير الدين العُلَيمي المقدسي الحنبلي المتوفى سنة 927 في فتح الرحمن في تفسير القرآن جـزء 1 صـحيفة 364 عند قول الله تعالى: “لا تأخذه سنة ولا نوم” ما نصه:”تلخيصه, هو منزه عن جميع التغييرات”.