(من صريح كلام ابنِ تَيميَّةَ في نُصرة عقائد التَّجسيم)
قَالَ الْإِمَامُ الْفَخْرُ الرَّازِيُّ: ((حَقِيقَةُ الْحِجَابِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى اللهِ تَعَالَى: مُحَالٌ؛ لِأَنَّهُ عِبَارَةٌ عَنِ الْجِسْمِ الْمُتَوَسِّط بَيْنَ جِسْمَيْنِ آخَرَيْنِ)) [بيانُ تَلبيس الجَهميَّة (124/8)، ط. المجمَّع] وَهَذَا التَّقْرِيرُ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ تَقَرَّ بِهِ عَيْن كُلِّ مُنَزِّهٍ للهِ عَنِ الْجِسيْمِيَّةِ.
وَتَأَمَّل الْآن يَا عَبْدَ اللهِ كَيْفَ رَدَّ ابْنُ تَيْمِيَّةَ الْحَرَّانِي (728هـ) عَلَى التَّقْرِيرِ السَّابِقِ لِلْإِمَامِ الرَّازِي فِي التَّنْزِيهِ، فقالَ : ((الْوَجْهُ الْخَامِسَ عَشَرَ: أَنَّ مَنْ تَأَمَّلَ نُصُوصَ الْكِتَابِ، وَمَا وَرَدَ فِي ذَلِكَ مِنَ اَلْآثَارِ عَنِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ: عَلِمَ بِالضَّرُورَةِ عِلْمًا يَقِينًا لَا يَسْتَرِيبُ فِيهِ، أَنَّ لِلَّهِ – عَزَّ وَجَلَّ – حِجَابًا، وَحُجُبًّا مُنْفَصِلَة عَنِ الْعَبْدِ، يَكْشِفُهَا إِذَا شَاءَ فَيَتَجَلَّى، وَإِذَا شَاءَ لَمْ يَكْشِفْهَا.
وَإِذَا كَانَ الْحِجَابُ هُوَ: “الْجِسْمُ الْمُتَوَسِّطُ بَيْنَ جِسْمَيْنِ” فَلَازِمُ الْحَقِّ: حَقٌّ!!!، لَا يُمْكِنُ أَنْ يُدْفَعَ مَا عُلِمَ بِالِاضْطِرَارِ مِنْ دِينِ الْمُرْسَلِينَ بِمِثْلِ نَفْيِ هَذَا الْكَلَامِ الَّذِي قَدْ تَبَيَّنَ أَنَّ نَفْيَهُ مِنْ فَاسِدِ الْكَلَامِ!!!، وَأَنَّ الْحُجَّةَ لِمُثْبِتِيهِ أَقْوَى مِنْهَا لِنَافِيهِ فِي الْفِطْرَةِ وَالشِّرْعَةِ وَالنَّظَرِ وَالْخِصَامِ!!!)) [بيانُ تَلبيس الجَهميَّة (128/8)، ط. المجمَّع].
وَانْظُر إِلَى قَوْلِهِ: ((وَإِذَا كَانَ الْحِجَابُ هُوَ: “الْجِسْمُ الْمُتَوَسِّطُ بَيْنَ جِسْمَيْنِ” فَلَازِمُ الْحَقِّ: حَقٌّ)): فَإِذَا كانَ أَصْلُ الْحِجَابِ – حَقِيقَةً -: هُوَ السِّتْرُ الْحَائِلُ بَيْنَ الرَّائِي وَالْمَرْئِيِّ، حَيْثُ:
(أ) الرَّائِي = الْعَبْدُ = جِسْمٌ.
(بـ) وَالْمَرْئِي = اللهُ تَعَالَى =على زعمه جِسْمٌ.
(جـ) وَالْحَائِلُ = الْحِجَابُ الْحِسِّي = جِسْمٌ.
فَالنَّتِيجَةُ عِنْدَ ابْنِ تَيْمِيَّةَ: ((لَازِمُ الْحَقِّ: حَقٌّ!!!))، فَاللهُ عِنْدَ هَذَا الرَّجُل: جِسْمٌ حَجْمِيٌّ يَحْتَجِبُ عَنْ خَلْقِهِ بِحِجَابٍ حِسِّي!!! تَمَامًا كَمَا تَحْجُبُ السُّحُبُ الشَّمْسَ عَنِ الرُّؤْيَةِ، وَهَكَذَا!!!.
وَيَزِيدُ الْحَرَّانِي: وَهَذَا مَعْلُومٌ بِالِاضْطِرَارِ مِنْ دِينِ الْمُرْسَلِينَ!!!، وَأَنَّ الْحُجَّةَ لِمُثْبِتِي الْجِسْمِيَّةِ فِي حَقِّهِ تَعَالَى أَقْوَى مِنْهَا لِنَافِيهِ!!!، وَالشَّرِيعَةُ وَالْفِطْرَةُ وَالنَّظَرُ وَالْخِصَامُ وَ…الخ كُلُّهَا قَاضِيَةٌ بِإِثْبَاتِ الْجِسْمِيَّةِ فِي حَقِّهِ تَعَالَى!!!.

